المقالات

هل الدعوه ضره الأخوه؟! / د. محمد محمود منصور

هل الدعوه ضره الأخوه؟! / د. محمد محمود
منصور

فی ظل هذه التحزبات الإسلامیه والفرق من
أهل السنه والجماعه، واختلاف طرق الدعوه إلى الله أصبحت هناک ظاهره لا تلیق
بالمسلمین، وهی المنافسه أو عدم المحبه بین المسلمین أنفسهم.

فکیف سینظر غیر المسلم إلى هذا الاختلاف؟
لا أقصد الاختلاف فی طرق الدعوه بل اختلاف القلوب وتنازعها، فکیف ندعو إلى المحبه
ونحن أنفسنا لا نحب بعضنا؟.

اقترحت أنا وبعض الشباب فکره، وهی إصدار
مجله شهریه متواضعه تتحدث عن الأخوه فقط، وعن مواضیع وقصص أخویه بین المسلمین..
فما رأیکم؟

وجزاکم الله خیرا، والسلام ختام

——————————————–

الحمد لله، والصلاه والسلام على رسول
الله، وبعد..

شکر الله لکم، وجزاکم خیرا کثیرا على
حبکم لإسلامکم، وحرصکم علیه، وعملکم به وله.

أخی الحبیب أمیر، ولماذا القلق من تعدد
التجمعات الإسلامیه؟!.

إنک لو علمت سببها لاطمأن قلبک.. إن
السبب الأساسی لنشأتها هو سقوط الخلافه الإسلامیه فی بدایات القرن الماضی، حیث
أصبح المسلمون أفرادا بلا دوله وبلا نظام ینظمهم، فصاروا ضعافا أذله من ضعف إنتاج،
وتخلف علمی، وعدم استقرار، واختلاف، ونهب ثروات، واحتلال… إلى غیر ذلک من مساوئ
وانحدارات وتعاسات کما نراه الآن واقعا..

فاستفاق بعض المسلمین، وأرادوا العوده
لما کانوا علیه من القوه والاتحاد والرقی والعزه والسعاده.. فرأى بعضهم البدء
بالاهتمام بالأخلاق، ورأى آخرون البدء بالاهتمام بالعلم والإیمان والعقیده، ورأى
غیرهم البدء بالاهتمام بالسنن ومحاربه البدع.

ورأى البعض الاهتمام بکل هذا رغم کثرته وکثره
متطلباته وجهوده.. الاهتمام بکل جوانب التربیه مع الاهتمام بکل أنواع العلوم
الدینیه والدنیویه والتخصص فیها لإداره کل شئون الحیاه بأفراد متخصصین متربّین على
أخلاق الإسلام؛ فیدیرون کل مؤسسات دولتهم به وبقوانینه؛ فتصبح تلقائیا وتدریجیا
بعد وقت من الزمن إسلامیه بحق، ثم عده دول إسلامیه بحق تتحد فیما بینها لتکوِّن
اتحادا إسلامیا (خلافه إسلامیه) یکون له من القوى البشریه والاقتصادیه والعلمیه
والإعلامیه وغیرها ما یسعد المسلمین وغیرهم، وما ینشر الإسلام بالحسنى للعالم کله
لیسعد هو الآخر به.

ولذا فکل التجمعات هدفها العام النهائی
واحد، وهو إسعاد الأرض کلها بنظام الإسلام، وکلها على جزء من الصواب، ولها ثوابها
على قدر الجزء الذی تقدمه، ولکن أسالیبها تختلف، وأهدافها الجزئیه المرحلیه
تتعدّد.

وحتى إن وجدت خلافا ظاهریا فلا تقلق، بل
قدّم حسن الظن کما علمنا الإسلام، ولا تعتبره تغیرا فی القلوب إلا بدلیل قاطع واضح
لا یحتمل أی تأویل حتى لا تأثم کما یقول تعالى: (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ).

فاعتبر ما تراه أنت اختلافا من باب
التعدد للآراء مثلا ومحاوله الوصول للأنسب، مثل تعدد الآراء الفقهیه.. فلماذا
تسمیه خلافا؟! فهذا یرى رأیا وذاک یرى آخر، وکلها آراء صائبه مأجوره ما دامت فی
دائره الحلال، أی فی إطار ما سمح به الإسلام؛ لأنه سمح فی معظم الأمور بأکثر من
رأی، حتى یکون صالحا للناس جمیعا على اختلاف بیئاتهم وعصورهم ومفاهیمهم وظروفهم
وأحوالهم؛ فیأخذ کل فرد أو تجمع بما یناسبه ویتقنه، ویناسب ظروفه، ویحقق أهدافه
التی وضعها مناسبه لإمکاناته وأحواله.

أو اعتبره سوء فهم من الآخرین.. فلماذا
یظن البعض أنه تنافس على سلطه أو منفعه ما؟! إنه تنافس من أجل الإصلاح والثواب،
وحتى لو حدث تنافس غیر شریف – بدلائل مؤکده – فلا تقلق، بل ردّهم بالنصیحه الصادقه
الودوده للأصل الذی من أجله تجمعوا.

أو اعتبره تحمّسا وحرصا، فکل یرید تحقیق
الهدف السامی، ویرى ویعتبر أن طریقه هو الأصوب، فلا تقلق، فقط علیک تذکیره بأنه ما
دام یعتبر رأیه هو الأصوب فالرأی الآخر أیضا ربما یکون صوابا ولیس خطأ، وقد یکون
هو الأنسب لموقف ما ولوقت ما.

أو اعتبره من باب الحب
و”العشم” ولیس الضغینه والکراهیه، فهو من حبه لأخیه وتمام صفاء قلبه
نحوه یعلم أنه حتى لو حدث وأخطأ فی حقه فسیسامحه.

أو اعتبره عدم إلمام بالرأی الآخر
واستیعاب له، أو عدم قدره على العمل به کله، وإنما العمل بجزء منه على قدر الطاقات
العقلیه والجسدیه والمالیه والحیاتیه والبیئیه وغیرها.

أو حتى اعتبره خطأ، ولیعتذر المخطئ
سریعا ولیقبل أخوه ولیتصافى الجمیع ولیعودوا لهدفهم الأصلی، کما فعل الرسول صلى
الله علیه وسلم حینما أخمد فتنه کادت أن تقع بین الأوس والخزرج بفعل مکائد بعض
المنافقین بأن ذکّرهم بربهم ودینهم بقوله: “یا معشر المسلمین، الله الله،
أبدعوى الجاهلیه وأنا بین أظهرکم بعد إذ هداکم الله إلى الإسلام وأکرمکم به، وقطع
به عنکم أمر الجاهلیه، وأنقذکم به من الکفر، وألف به بینکم، ترجعون إلى ما کنتم
علیه کفارا”، فعرف القوم أنها نزغه من الشیطان وکید من عدوهم، فألقوا السلاح،
وبکوا وعانق بعضهم بعضا. أخرجه ابن المنذر

فلمَ القلق إذن؟! ولماذا تعتبره تغیرا
للقلوب؟! وما دلیلک؟!.

إن کان قد حدث أمامک بعض أحداث ظاهریه –
وهى نادره ولله الحمد ولم تصل بعد إلى أن تکون ظاهره عامه – فلیس معناها تغیرات
قلبیه.

بل على العکس لدینا دلیل دامغ یؤکد
رأینا فی مقابل أی دلیل عندک.. ألم تتجمع شعوب العالم الإسلامی کله – دون حکوماته
– رغم التعدد الظاهری الذی تراه على دعم الانتفاضه الإسلامیه الفلسطینیه؟! تجمعوا
جمیعا بالدعاء والمال والمقاطعه للمنتجات المؤکد أنها من الأعداء.

أخی الحبیب، إن العلاج لیس بمجله أو
حدیث عن الأخوه فقط، فهذا جزء بسیط، ویمکن القیام به على أکمل وجه من خلال
الفضائیات أو الإنترنت أو الأشرطه والکتیبات والصحف ونحو ذلک.

لکن العلاج الفعال هو بدء کل المسلمین
رجالهم ونسائهم وشبابهم وشیوخهم وعلمائهم وعامتهم فی العمل الجاد للإسلام، والتعاون
فیه قدر الاستطاعه والطاقه والإمکان والفهم والاستیعاب.

عمل وتعاون فی طریق التربیه والتخصص، أی
نتربى سویا على أخلاقه بأن یدعو بعضنا بعضا إلیها بالحکمه والموعظه الحسنه، فنتمسک
بها بالأخف على نفوسنا، ثم بالأصعب، ثم یعین بعضنا بعضا على التخصص فی مجالات الحیاه
المختلفه، ثم تعاون وراء تعاون، وإنجاز وراء إنجاز على مدى سنوات طوال دون أی
تعجل، حیث الزمن جزء من العلاج.

ونتیجه لذلک سیتجمع المسلمون حول
الإیجابیات والأعمال والنجاحات، وتتجمع قلوبهم، ویزداد حبهم بینهم، إذ الحب یزداد
بالمعایشه والتواصل، ویقل بالبعد والتجافی، وینسون تدریجیا السلبیات والإخفاقات
والخلافات.

إنه کلما کان المسلمون بعیدین عن هدفهم
تعددت آراؤهم؛ بسبب عدم وضوحه ووضوح الطریق إلیه، لکن کلما اقتربوا منه وضحت
الرؤیه وقلت أو ندرت أو انعدمت خلافاتهم، کالذین یسیرون فی طریق مظلم إلى هدف بعید
منیر، لکنه من بعده یصعب تحدید مکانه، فإذا ما اقتربوا منه بدأ فی الظهور،
واستطاعوا تحدیده، وصعب أن یخطئوه أو أن یختلفوا علیه.

إننا لو انشغلنا بالأهم لم یشغلنا الأقل
أهمیه، ولو أحسنّا ترتیب الأولویات، وفهمنا طریق العلاج وترتیباته وخططه، وتجمعنا
علیها کل بما یستطیعه حتى ولو بالدعاء، وتدبرنا حق التدبر مکائد أعدائنا لتضاءلت
تدریجیا ولتلاشت أی حساسیات مع الوقت، ولحل محلها کل حب وود وصفاء بإذن الله.

لقد روت السیره ما یؤکد ذلک، روت أن
النبی صلى الله علیه وسلم بلغه أن بنی المصطلق یجمعون له، فخرج إلیهم حتى لقیهم
على ماء من میاههم یسمى المریسیع فهزمهم، وعند عودتهم اختلف رجلان على الماء
أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرین، وصرخ کل منهما یستنصر قومه.

ونتیجه لذلک أمر الرسول صلى الله علیه
وسلم بالرحیل فی ساعه لم یکن یرتحل فیها، ومشى بالناس یومهم ذلک حتى أمسى ولیلتهم
حتى أصبح ثم نزل بهم، فلم یکن إلا أن وجدوا مس الأرض وقعوا نیاما، وما فعل ذلک إلا
لیشغلهم عما حدث بما هو أهم.

أخی الحبیب، الأخوه – کأی خلق – ممارسه،
فهی تعنی سلامه الصدور من الحقد والغل والحسد، وتعنی مشاعر الحب عند الاجتماع
والتقابل أو حتى فی أثناء التباعد، وتعنی إسعاد کل طرف لغیره، وتعنی الاستعداد
للتضحیه من أجله بالوقت والجهد والفکر والمال وغیره، وتعنی التعاون وتبادل المنافع
لأجل کل خیر ومصلحه ورقی وسعاده، وتعنی التلاحم والتواصل والتجاور والتسامح
والدعاء، وتعنی المشارکه عند الأفراح والأحزان.

وتعنی التناصح والتواصی بکل حق وعدل
وحسن وبعد عن کل سوء والتعاون والعون على هذا… ونحو ذلک من المعانی التی عبّر
عنها الرسول صلى الله علیه وسلم بقوله: “.. کمثل الجسد الواحد.. ” أخرجه
البخاری، وقوله: “.. کالبنیان یشد بعضه بعضا.. ” أخرجه البخاری

أما الجزء النظری من الأخلاق فهو عباره
عن التذکره للعقل، والشحن للقلب لتحریک الجسد لحسن التعامل، وهو جزء یسیر تزداد
قیمته إذا تم تطبیقه، فإن لم یطبق تکون قیمته قلیله أو حتى منعدمه.. فلماذا إذن
تفرد له مجله کامله؟!

إن مواضیعها ستنتهی غالبا خلال شهر،
ورغم أنه اقتراح طیب، فإنه من الممکن أن یکون بابا أسبوعیا صغیرا فی مجله أو صحیفه
أو موقعا إلکترونیا حتى یکون مؤثرا متنوعا لا مملا متکررا.

وفقک الله وأعانک، ولا تنسنا من صالح دعائک

اسلام آن لاین

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا