المقالات

قواعد القواعد

قواعد  القواعد

لفضیله الشیخ
صالح بن عبد العزیز آل الشیخ
الحمد لله رب العالمین وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریط له وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفیّه وخلیله نشهد أنَّه بلغ الرساله وأدى الأمانه ونصح المه وجاهد فی الله حق الجهاد صلّى الله وسلّم وبارک على نبینا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى یوم الدین.

أمَّا بعد:

فموضوع هذه المحاضره أو هذا الدرس ((قواعد القواعد)) وکمقدمه لهذا الموضوع أو مدخل بین یدیه فإنَّه لا یراد أن یُدْرَسَ فی هذا الدرس تأصیل القواعد الشرعیه ووضع القواعد للتقعید فإن هذا مجاله مجال الدراسات المتخصصه والبحوث المتخصصه، وإنَّما نرید من هذا البحث أو هذا الدرس أن نخلص إلى نتیطجه فیما یتعلق بالتقعید وفَهْمٍ للقواعد ثم ما ینبغی إتخاذه مع القواعد وما لا ینبغی إتِّخاذه مع القواعد.

وسبب هذا الدرس سبب إنشائه أنَّ الناس یمر بهم کثیرًا وخاصه القراء وطلبه العلم یمر بهم کثیرًا التقعید یمر بهم کثیرًا ذکر القواعد القاعده فی هذا کذا، والأصل فی هذا کذا، وإذا جاء التقعید فإنه یُفهم اندراج الفروع تحت هذه القاعده وأنّ المسلم یطبق هذه القاعده بإدراج فروعها التی تندرج تحت ألفاظها ویشملُ عموم لفظ القاعده للفروع یدرجها فیها بما فهم من القعده ولهذا کثُرَ فی هذا الوقت التأصیل والتقعید کلُّ یقول القاعده کذا وکذا وفهم السلف لهذه المسأله کذا والأصل فی هذا کذا والسلف نقلوا فی هذه المسأله کذا وربما جُعل بعض الأقوال للسلف قاعده مطرده، وربما طرحت قواعد وأصول قررها أهل العلم فی کتبهم ودلَّلوا علیها فلهذا کان من اللّوازم أنْ یُجعل مدخل لهذه القواعد ولفهم التقعید ولما ینبغی اتخاذه مع التقعید مع ضرب بعض الأمثله.

والثانی: من سببی إنشاء هذا الدرس أنْ نعطی أصولاً عامه ینضبط بها التفکیر، ینضبط بها عقل طالب العلم أو عقل المسلم بعامه فی هذا العصر الذی کثرت فیه الآراء، وهذا العصر کما ترون وتسمونه وتشاهدون کثرت فیه الأقوال، کثرت فیه الاتجاهات، کثرت فیه الآراء حتى إنها تکثر بعد کلّ یوم ولیله وسبب ذلک الإخلال بالتأصیل العلمی، وسبب ذلک الإخلال بالرجوع إلى قواعد العلم.

ومن أسباب حدوث ذلک التفرق أو کثره الآراء وکثره المدارس من أسباب ذلک کثره التقعید الذی یورده أصحاب کل جهه ویکون ذلک التقعید تاره مسلمًا وتاره غیر مسلم وربما کان مسلما من جهه غیر مسلم من جهه أخرى کما سیأتی لذلک مثال وهذا مما جعل کثیر من الناس وخاصه الشباب یتحیطون فی وضع ضوابط عقلیه لأنّ الکل ولله الحمد یرید السلامه یرید أنْ یتقرب من ربه جلّ وعلا، یرید أنْ یعلم الحق ثم یتبع الحق هذا دیدن الجمیع، ولهذا الجمیع ولهذا کل ما دعا داع إىل الحق بطریقته فإنه یجد له أتباعر ویجد من یتقنع بفکرته وسبب الإقتناع بالأفکار الخاطئه أو الأفکار الناقصه أو الأفکار المتبلبله یعنی غیر الثابته التی لیس لها أصول واضحه هو الکلام هو الآراء إیراد أصول، إیراد شواهد، إیراد أدله ونحو ذلک ویکون ذلک الإیراد من الأدله والأصول والقواعد والشواهد یکون ناقصًا یکون صحیحا فی نفسه لکن یکون ناقصا وسبَّب ذلک أنْ کثرت الآراء وعرض فکرته بطریقه وعارضت ما عند الآخر، ولو رجع الجمیع إلى العلم لضبطهم العلم ولکانوا یدا واحده على من وساهم، لهذا أقول إنّ هذا الدرس مدخل ولیس تقعیدا کاملا لهذه المسأله العظیمه بل هو مدخل لذلک یفتح لطالب الحق ولطالب الصواب فی هذه المسائل ما یُمَکنُّه أنْ یضبط عقله وفهمه وإدراکه للأمور وللأحداث وللموازین المختلفه.

القواعد عرّفها أهل العلم بأنها جمع قاعده والقاعده ما ببنى علیها غیرها، قاعده الشیء ما یبنى علیها غیرها ولهذا قالوا إنّ تعریف القاعده عند أهل الاصطلاح أنها أمر کلیّ ترجع إلیه فروع کثیره وقال بعضهم إنّ القاعده أمر أغلبیّ ترجع إلیه فروع کثیره ونفهم من هذا التعریف أنّ القاعده عباره تجمع قله فی الألفاظ لکن یدخل تحتها صور کثیره لأنّ القاعده موضوعه لجمع الفروع المختلفه، وهذه القواعد التی وضعها أهل العلم وأصلت هذه أقسام منها:

ما هی قواعد عامه، ومنها ما هی قواعد خاصه، قواعد عامه لجمیع أهل العلم یعنی یتفق علیها العلماء جمیعا خصاه فی الفقه ومنها قواعدُ خاصه فی الفقهیات تختلف ما بین مذهب وآخر والقواعد تقسم باعتبار آخر إلى أنّ منها قواعد وأصول متصله بالعقیده، ومنها قواعد وأصول متصله بالفقه ومنها قواعد وأصول متصله بالسلوک وأنواع التعامل وإذا تأملت الکتب المؤلفه فی هذا لاشأن فتجد أنّ ظهور القواعد المتصله بالعقیده فی کتب أئمه السلف ظهور ذلک بیِّن واضح لمن طلبه وکذلک القواعد الفقهیه وکذلک قواعد السلوک التی تُبحثُ عند ذکر الاعتصام بالکتاب والسنه واتباع طریقه السلف الصالح فی الفهم وفی العبادات وفی أنواع التعامل هذه أنواع للقواعد وللأصول قد تجد قاعده فی العقیده، قاعده فی الفقه، قاعده فی السلوک والتعامل وهذه لابدّ أنْ ترعى جمیعا لأنّ ذلک التقعید ما وضع إلاّ لفائده.

نعلم أنّ کل شیء شرعی لابدّ له من دلیل هذه القواعد ما دلیلها؟ القواعد بأقسامها لابدّ أنْ یکون لها دلیل، والدلیل تاره یکون بنص من الکتاب والسنه یقال دلیل هذه القاعده کذا من الکتاب أو من السنه مثلا قاعده الأمور بمقاصدها دلیلها قول النبی صلّى الله علیه وسلّم: ((إنّما الأعمال بالنیات)) مثلا: ((لا محرم مع ضروره)) دلیلها قول الله جلّ وعلا: {إلاّ ما اضطررتم إلیه} وهکذا وکذلک فی مسائل الاعتقاد هناک قواعد لها أدلتها وفی مسائل السولک هناک قواعد لها أدلتها، فإذن تعرف القاعده ویستدل لها فی النص من الکتاب أو السنه کذلک القاعده یستدل لها بالإجماع، أجمع السلف، أجمع الأئمه على أنّ من القواعد کذا، وکذلک یستدل للقاعده بالاستقراء، باستقراء إمام من الأئمه، مسائل معینه فی باب أو فی أبواب فیخرج قاعده باستقرئه وهو رجل مأمون إمام من الأئمه فیکون ذکره للقاعده واستنتاجه للقاعده صوابا صحیحا، إذا نظرت فی الکتب تاره تجد أنه ینص على أنّ هذه قاعده یقال لأنّ القاعده کذا لأنّ الأصل کذا وتاره لا تجد هذا النص بأنّ هذه قاعده وأنّ هذا هو الأصل وإنما تجد التعبیر بأمر کلّی یرجع إلیه أفراد کثیره أمر کلی یقال مثلا أنّ کل کذا ثم یذکر الحکم أو یقول فکل شیء ثم یذکر الحکم، التعبیر بأمر کلی یفهم منه أنّ هذا تقعید لأنّ الکلیات ترجع إلیها أفرادها فتجد ذلک تاره یذکر القاعده الأصل والأصل هو القاعده لأنّ الأصل یأتی بمعانی عند أهل العلم ومن إیراداتهم للأصل أنْ یکون الأصل بمعنى القاعده فیقال مثلا: ((إنّ أکل المیته بخلاف الأصل)) فیکون معنى الأصل هنا یعنی القاعده لأنّ القاعده أنه لا یجوز الأکل إلاّ مما أحل الله جلّ وعلا کما ذکر ذلک الأصولیون وغیرهم.

ذکرنا أنّ القواعد أقسام ومنها القواعد العقدیه مثالها أنّ النص محکم والعقل معطل، فی أبواب العقائد مثلا من قواعد العقیده أنّ الأسباب مرتبطه بمسبباتها وأنّ إلغاء الأسباب لا یجوز وهو معارضه للشرع وقدح فی العقل، مثال الفقهیه کما ذکرنا: ((الأمور بمقاصدها)) و((التابع تابع)) ومثال السلوکیه: ((کل عباده لم یتقعدها أصحاب رسول الله صلّى الله علیه وسلّم فلا تتعبدوها)) یعنی أنّ العبادات مبناها على التوقیف وأنّ المعاملات مبناها على الإخلاء یعنی بما یکون عند الناس بما یصلح دنیاهم ما لم یرد فیها نص یحرِّمها.

القواعد أنشأها العلماء لماذا؟

لأنّ بعد الفتوح الإسلامیه وبعد أنْ توسعت رقعه دوله الإسلام ظهرت مشاکل ظهرت أراء ظهرت مذاهب، ظهرت أفکار جدیده وظهرت صور للمسائل کثیره فکان لزاما حتى تضبط المسائل فی الباب الواحد وهو ما یسمى بالضابط أو تضبط المسائل فی أبواب مختلفه أنْ تجعل قواعد یرجع إلیها، فهم تلک المسائل، هذا فی الفقهیات، کذلک فی العقدیات لما کثر خلاف المخالفین للجماعه لطریقه أهل السنه، لطریقه السلف الصالح وضعت قواعد تضبط هذا الأمر.

إذن القواعد فی الأصل لم تکن موجوده معبَّر عنها بالقاعده عند السلف الصالح یعنی عند الصحابه والتابعین وإنما وضع العلماء هذه القواعد وعبروا عنها بقاعده، بأصل بنحو ذلک من العبیرات لأجل أن تضبط المسائل وحتى یسهل على الناظر أنْ یتفطن للسمائل المتفرقه وما یجمعها من قاعدهٍ وأصلٍ واحد، فکثره المسائل، کثره الإیرادات، کثره الفروع، وکثره الأقوال لابدّ أنْ تضبط بضابط فکان لذللاک أُنشئبت تلک القواعد، وأنشئت الأصول حتى ینضبط العلماء بضابط واحد وحتى إذا اتى من لیس بمجتهد، من لیس بعالم غزیر العلم لا یأتی ویستقرئ مره أخرى ویخرج أصولا یضبط بها علمه ونفسه والعمر قصیر لا یتحمل أنْ ینظر المرء فی أمور کثیره لکن إذا ضبطت القواعد فإنه ترد الفورع وتر المفردات إلى تلک القواعد فینضبط الأمر من أسباب النشأه أسبات نشأه علم التقعید أو القواعد أنّ العقل والفهم إذا لم ینضبط بضابطٍ إذا لم ینضبط بتقعید فإنه یشذ الآن الآراء مختلفه والحکم على المستجدات الحکم على النوازل یختلف فیه فلان عن فلان حتى من العلماء یختلف فیه ولهذا تجد أنّ اختلاف السلف من التابعین خاصه تجد أنّ اختلافهم فی الغالب لا یرجع إلى اختلاف القواعد أما اختلاف العلماء من أهل المذاهب المعروفه یرجع إلى تقعید وذلک لأنّ أولئک نظروا فی القواعد وضبطوا المسائل بالتقعید وأما من قبلهم فإنه لم تتأصل ذلک فکانت المسائل عندهم مبنیه على اجتهاده فی النازله فیأتی من بعده ولا یدری قاعدته فی هذه المسأله فیقلده فی هذا الباب أو فی تلک المسأله ولا ینظر إلى مأخذه من جهه التقعید العام.

أیضا من أسباب وضع التقعید ومن أسباب نشأه القواعد أنْ لا یتأثر طلاب العلم وأنْ لا یتأثر الناس بالمتشابهات لأنّ التقعید یضبط ومن المعلوم أنّ القواعد کما ذکرنا دلیلها المحکم عن الکتاب والسنه وأما المتشابهات التی ترد وسیأتی تفصیل للمحکم والمتشابه إنْ شاء الله تعالى.

أما المتشابهات فإذا أوردت على من لیس براسخ فی العلم فربما تشبتت ربما نظر إلى المسأله ولم یتفطن لمأخذها من القواعد فکان من اللّوازم أنْ توضع فی العقیده قواعد فی السلوک، قواعد فی الفقهیات حتى ینضبط الناس وإذا اوردت المتشابهات فإنّ طالب العلم إذا نظر إلى المتشابه الذی یخدش القاعده یعلم أنّ للعلماء فیه نظرا یعلم أنّ للعلماء فیه توجیها، ولا یترک القاعده وهی الأصل الأصیل لأجل إیراد أحدً من الناس متشابه من المتشابهات ولو کان دلیلا من الکتاب والسنه لأنّ من أدله الکتاب والسنه ما هو متشابه لا یعلم به إلاّ بعد رده إلى المحکم.

هذه أمور مهمه بین یدی هذا الموضوع ومع تجدد الأحوال وتغیر الأمور فی تاریخ الإسلام حدثت نوازل وحدثت حوادث کثره حوادث متغیره، حوادث متجدده هذه التی سماها العلماء نوازل والتی قال فیها عمر بن عبد العزیز رحمه الله تعالى: ((تحدث للناس أقضیه بقدر ما أحدثوا من الفجور)) لابدّ أنْ یکون هناک نوازل متجده تنزل بالناس قضایا جدیده فلابدّ أنْ یحدث لها أحکام هل کلما أتت قضیه وکلما أتى شیء یرجع الأمر فیه إلى اجتهاد جدید؟ أم أنّ هناک ضوابط؟ هناک قواعد إذا رجع العلماء إلیها قلّ اجتهادهم فی النوازل، وتیسیر الأمر علیهم فی نظرهم إلى المستجدات، لا شکّ أنّ حدوث النوازل کان من اسباب التقعید وایضا خدم التقعید العلماء وطلبه العلم فی النظر إلى النوازل والمستجدات، النوازل یعنی الحوادث المختلفه والمستجدات فی البلاد وفی الدول وفی المجتمعات هذه ترجع إلى أسباب من أهم أسبابها التطور لأن الناس یتطورون کل زمن تجد أنه یدخل تحسینات على ما قبله خاصه فی أمور المعاملات تأتی معاملات جدیده لیست فی الزمن الأول والعقل بطبعه یجب أنْ یجدد یجب أنْ یأتی بأشیاء جدیده، هذا التطور الذی یحدث عند الناس إذا لم ینضبط بتقعید فإنه لا حدّ للعقل لأن القعل یرید أنْ یتطور ویصل إلى أشیاء قد یتعده تماما عن الشریعه وعن الدین الذی ارتضاه الله جلّ وعلا فکانت القواعد مرجعَهً لهذه النموازل إلى اصول ثابته مهما حدث تجد فی الأحوال ومهما حدث تجدد وتغیر فی الأمور وفی المستجدات فإنّ القواعد تضبط ذلک فی فهم طالب العلم وفی حکم الهالم وفی فتواه حتى ترجع إلى أصول ثابته لأنّ هذه الشریعه ثابته من أوصاف الشریعه أنها شریعه ثابته، ثابته من جهه النظر إلى الأشیاء ثابته من جهه النظر إلى الأشیاء ثابته من جهه الأحکام، ثابته من جهو النظر التقعید.

الناس لله جلّ وعلا ولکن الفتوى کما هو معلوم تتغیر بتغیر الأحوال والأزمان لأنّ الفتوى مبنیه کل اختلاف أحوال الناس وتاره یکون اعتماد المفتی على العرف وهذا له بحثٌ آخر لیس هذا مجاله.

أیضا من أسباب وجود النوازل التی دعت إلى ضروره فهم القواعد وضروره التقعید وأنْ یربط المسلم نفسه باقاعده فضلا عن طلاب العلم فضلا عن العلماء، أنّ الزمان یفسد وکما قال النبی علیه الصلاه والسلام: ((لا یأتیکم زمان إلاّ والذی بعده شر منه حتى تتلقوا ربکم)) فإذا استجد الزمان بأنواع من الفساد وأنواع من التغییرات کما قال عمر بن عبد العزیزر: ((تحدث للناس أقضیه بقدر ما أحدثوا من الفجور)) هل إذا تجدد الضفجور وازداد الفجور أو ازداد بعد الناس عن الدین هل یتأتى لهم بأشیاء جدیده لم یکن علیها الأمر الأول؟!

التقعید یضبط هذه النوازل التی هی راجعه إلى فساد الزکمان وفساد أهله بأمر یجعل الشریعه ثابته ویجعل النظر وحکم الکتاب والسنه ثابتًا لا یتغیر لأنّ هذه الشریعه صالحه لکل زمان ومکان کما هو معلوم وحکمها فی أول الزمان کحکمها فی آخره والله جلّ وعلا علم أنّ هذا الدین باقٍ إلى قیام الساغعه فجعل أحکامه باقیه إلى قیام الساعه فإذن مهما حدث من فساد الناس مهما حدث من تغیر مهما حدث من أ/ور فإرجاعها إلى أصول الشرع یضبط ذلک ویجعل ذلک الفساد لیس وسیله إلى تغییر الشرع وسیله إلى تغییر أهله وسیله إلى انقلاب العقل، وإلى انقلاب الفهم فی معالجته لتلک الأمور لأنّ القواعد ثابته ولأنّ التقعید واحد لا یتغیر جعله العلماء والأئمه من قبل حتى یمشی علیه الناس جیلا بعد جیل.

إذا تأملت هذا فمن الذی قعَّدَ هذه القواعد ومن الذی یُقَعِد ومن الذی یحق له أن یطبق القواعد، الذی یقبل تقعیده أهل العلم فإذا کان التقعید فی العقیده یذکر أصول وقواعد یجرع إلیها فی أبواب الاعتقاد فلابدّ أنْ یکون ذلک التقعید من عالم بالعقیده عالم بدقائق أقوال السلف عالم بالأقوال المخالفه بأقوال السلف، ولهذا قلّ التقعید فی العقیده بعد زمن السلف الصالح، وأئمه الإسلام، شیخ الإسلام ابت تیمیه رحمه الله لأجل طول باعه فی هذا الأمر أتى بقواعد ضبطت لنا مسأئل العقیده وفربت لنا أقوال السلف فی ذلک.

فإذن، التقعید لابد أنْ یکون من عالم راسخ فی العقیده وقد ذکرنا مرارا أنّ العقیده عقیده أهل السنه والجماعه منها أبواب متصله باعتقاد القلب وهو شرط أرکان الإیمان السته، الإیمان بالله وملائکته وکتبه ورسله والیوم الآخر وبالقدر خیره وشره من الله تعالى ومن العقیده عقیده السلف ما سماه بعض أهل العلم بالمنهج: {لکلٍ جعلنا منکم شرعهً ومنهاجًا} وهو طریقه التعامل فی الأمور مثل مسائل الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر هذه من العقیده مثل مسائل الإمامه من العقیده الصحابه من العقیده الکلام فی الولایه وکرامات الأولیاء وما یتعلق بذلک هذا من العقیده وهکذا فی المسائل التی خالف فیها أهل السنه غیرهم وجعلت تلک المسائل من العقیده لأنها کانت مما میّز أهل عن غیرهم من فرق الضلال لابد أنْ یکون المُقَعِّد عالمًا بما خالف فیه أهل السنه غیرهم، فإذن العقیده فی أبوابها جمیعا تشمل مسائل الاعتقاد وأرکان الإیمان وتشمل المنهج وتشمل ایضا السلوک ولهذا فی العقیده الواسطیه لشیخ الإسلام ابن تیمیه جعلها على هذه الأقسام الثلاثه شرح أرکان الإیمان ثم مسائل التعامل المنهج، الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، الإمامه، والصحابه، وکرامات الأولیاء، وما یتصل بذلک من مباحث ثم فی آخره مبحث الأخلاق والسلوک عند أهل السنه والجماعه.

من یُقَعِّد هذه المسائل لابد أنْ یکون راسخًا فی ذلک هل یقبل من کل أحد أنْ یقعد لا یسوغ أنْ یقبل من کل أحد أنْ یقعد لمَ؟

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا