المقالات

أسس وخصائص الدعوه – الخصائص الفکریه

لدعوه لمشروع النهضه

 

أسس وخصائص الدعوه – الخصائص الفکریه

 

الخصائص الفکریه

 

تتمیز هذه الدعوه بمجموعه من الخصائص التی تمیزها عن غیرها من الدعوات، وهی لیست خصائص شکلیه، وإنما تمثل جوهر الفکره التی یقوم علیها هذا المشروع الحضاری الذی یستنهض بالأمه من جدید. ولهذا، فإن کل خاصیه من الخصائص الممیزه لهذه الدعوه لها مدلولها على الجوانب المختلفه لحیاه المجتمع السیاسیه والاقتصادیه والاجتماعیه والثقافیه، إلخ. وتشمل هذه الخصائص تسع خصائص، ذکرها الأستاذ البنا فی أکثر من موقع فی رسائله.

 

 

۱- الربانیه:

 

    وفی ذلک یقول الأستاذ البنا:

 

أما أنها ربانیه، فلأن الأساس الذی تدور علیه أهدافنا جمیعاً، أن یتعرف الناس إلى ربهم، وأن یستمدوا من فیض هذه الصله روحانیه کریمه تسمو بأنفسهم عن جمود الماده الصماء وجحودها إلى طهر الإنسانیه الفاضله وجمالها. ونحن الإخوان المسلمین نهتف من کل قلوبنا: الله غایتنا. فأول أهداف هذه الدعوه أن یتذکر الناس من جدید هذه الصله التی تربطهم بالله تبارک وتعالى، والتی نسوها فأنساهم الله أنفسهم (یا أیها الناس اعبدوا ربکم الذی خلقکم والذین من قبلکم لعلکم تتقون) [البقره: ۲۱]. وهذا فی الحقیقه هو المفتاح الأول لمغالیق المشکلات الإنسانیه التی أوصدها الجمود والمادیه فی وجوه البشر جمیعاً، فلم یستطیعوا إلى حلها سبیلاً، وبغیر هذا المفتاح فلا إصلاح (رساله دعوتنا فی طور جدید).

 

 

 

۲- العالمیه:

 

وعن هذه الخاصیه، یقرر الأستاذ البنا:

 

وأما أنها عالمیه فلأنها موجهه إلى الناس کافه لأن الناس فی حکمها إخوه: أصلهم واحده، وأبوهم واحد، ونسبهم واحد لا یتفاضلون إلا بالتقوى وبما یقدم أحدهم للمجموع من خیر سابغ وفضل شامل (یا أیها الناس اتقوا ربکم الذی خلقکم من نفس واحده وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً کثیراً ونساءً واتقوا الله الذی تساءلون به والأرحام إن الله کان علیکم رقیباً) [النساء: ۱]. فنحن لا نؤمن بالعنصریه الجنسیه، ولا نشجع عصبیه الأجناس والألوان، ولکننا ندعو إلى الأخوه العادله بین بنی الإنسان (رساله دعوتنا فی طور جدید).

 

 

 

۳- التمییز:

 

وفی رساله المؤتمر الخامس، یقرر الأستاذ البنا خاصیه التمیز فیقول:

 

واسمحوا لی أیها الساده أن أستخدم هذا التعبیر (إسلام الإخوان المسلمین)، ولست أعنی به أن للإخوان المسلمین إسلاماً جدیداً غیر الإسلام الذی جاء به سیدنا محمد صلى الله علیه وسلم عن ربه، وإنما أعنی أن کثیراً من المسلمین فی کثیر من العصور خلعوا على الإسلام نعوتاً وأوصافاً وحدوداً ورسوماً من عند أنفسهم، واستخدموا مرونته وسعته استخداماً ضاراً، مع أنها لم تکن إلا للحکمه السامیه، فاختلفوا فی معنى الإسلام اختلافاً عظیماً، وانطبعت للإسلام فی نفوس أبنائه صور عده تقرب أو تبعد أو تنطبق على الإسلام الأول الذی مثله رسول الله صلى الله علیه وسلم وأصحابه خیر تمثیل. وهکذا اتصل الإخوان بکتاب الله واستلهموه واسترشدوه، فأیقنوا أن الإسلام هو هذا المعنى الکلی الشامل، وأنه یجب أن یهیمن على کل شئون الحیاه وأن تصطبغ جمیعها به وأن تنزل على حکمه وأن تسایر قواعده وتعالیمه وتستمد منها ما دامت الأمه ترید أن تکون مسلمه إسلاماً صحیحاً (رساله المؤتمر الخامس).

 

 

 

۴- الشمولیه:

 

وفی تحدید لهذه الخاصیه، یفصل الأستاذ البنا فیقول:

 

کان من نتیجه هذا الفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمین أن شملت فکرتهم کل نواحی الإصلاح فی الأمه، وتمثلت فیها کل عناصر غیرها من الفکر الإصلاحیه، وأصبح کل مصلح مخلص  غیور یجد فیها أمنیته، والتقت عندها آمال محبی الإصلاح الذین عرفوها وفهموا مرامیها، وتستطیع أن تقول ولا حرج علیک، إن الإخوان المسلمین: دعوه سلفیه، وطریقه سنیه، وحقیقه صوفیه، وهیئه سیاسیه، وجماعه ریاضیه، ورابطه علمیه ثقافیه، وشرکه اقتصادیه، وفکره اجتماعیه. وهکذا نرى أن شمول معنى الإسلام قد أکسب فکرتنا شمولاً لکل مناحی الإصلاح، ووجه نشاط الإخوان إلى کل هذه النواحی، وهم فی الوقت الذی یتجه فیه غیرهم إلى ناحیه واحده دون غیرها یتجهون إلیها جمیعاً، ویعلمون أن الإسلام یطالبهم بها جمیعاً (رساله المؤتمر الخامس).

 

 

 

ویلخص الأستاذ البنا معنى هذه الخاصیه بقوله:

 

الإسلام نظام شامل یتناول مظاهر الحیاه جمیعاً، فهو دوله ووطن أو حکومه وأمه، وهو خلق وقوه أو رحمه وعداله، وهو ثقافه وقانون أو علم وقضاء، وهو ماده وثروه أو کسب وغنى، وهو جهاد ودعوه أو جیش وفکره، کما هو عقیده صادقه وعباده صحیحه سواء بسواء (رساله التعالیم).

 

ولتأکید هذه الخاصیه فکراً وسلوکاً لجمیع البشر إلى أن یرث الله الأرض ومن علیها یقول الأستاذ البنا:

 

… ولکننا أیها الناس: فکره وعقیده، ونظام ومنهاج، لا یحدده موضع ولا یقیده جنس، ولا یقف دونه حاجز جغرافی، ولا ینتهی بأمر حتى یرث الله الأرض ومن علیها ذلک لأنه نظام رب العالمین، ومنهاج رسوله الأمین (رساله تحت رایه القرآن).

 

 

 

۵- العلمیه:

 

ولتأکید ضروره العلم فی مشروع النهضه، یقول الأستاذ البنا:

 

کما تحتاج الأمم إلى لاقوه کذلک تحتاج إلى العلم الذی یؤازر هذه القوه ویوجهها أفضل توجیه، ویمدها بما تحتاج إلیه من مخترعات ومکتشفات، والإسلام لا یأبى العلم بل یجعله فریضه من فرائضه کالقوه ویناصره، .. وقد وزن الإسلام مداد العلماء بدم الشهداء، ولازم القرآن بین العلم والقوه فی الآیتین الکریمتین (فلولا نفر من کل فرقه منهم طائفه لیتفقّهوا فی الدین ولینذروا قومهم إذا رجعوا إلیهم لعلهم یحذرون (۱۲۲) یا أیها آمنوا قاتلوا الذین یلونکم من الکفار لیجدوا فیکم غلظهً واعلموا أن الله مع المتقین) [التوبه: ۱۲۲-۱۲۳]… ولم یفرق القرآن بین علم الدنیا وعلم الدین، بل أوصى بهما جمیعاً، وجمع علوم الکون فی آیه واحده، وحث علیها وجعل العلم بها سبیل خشیته وطریق معرفته، وذلک فی قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جُدد بیضٌ وحمرٌ مختلفٌ ألوانها وغرابیب سود (۲۷) ومن الناس والدواب والأنعام مختلفٌ ألوانه کذلک إنما یخشى اللهَ من عباده العلماءُ) [فاطر: ۲۷-۲۸] (رساله نحو النور).

 

 

 

۶- العقلانیه:

 

وعن هذه الخاصیه یقول الأستاذ البنا:

 

أیها الأخوان المسلمون: ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنیروا أشعه العقول بلهب العواطف وألزموا الخیال صدق الحقیقه والواقع، واکتشفوا الحقائق فی أضواء الخیال الزاهیه البراقه. ولا تمیلوا کل المیل فتذروها کالمعلقه، ولا تصادموا نوامیس الکون فإنها غلابه، ولکن غالبوها واستخدموها وحولوا تیارها. واستعینوا ببعضها على بع وترقبوا ساعه النصر وما هی منکم ببعید (رساله المؤتمر الخامس).

 

 

 

۷-الاستقلالیه:

 

وعن هذه الخاصیه، یؤکد الأستاذ البنا بأنها:

 

دعوه لا تقبل الشرکه إذ أن طبیعتها الوحده، فمن استعد لذلک فقد عاش بها وعاشت به، ومن ضعف عن هذا العبء فسیحرم ثواب المجاهدین ویکون من المخلفین ویقعد مع القاعدین، ویستبدل الله لدعوته قوماً آخرین (أذلّه على المؤمنین أعزّه على الکافرین یجاهدون فی سبیل الله ولا یخافون لومه لائم ذلک فضلُ الله یؤتیه من یشاء) [المائده: ۵۴] (رساله دعوتنا).

 

 

 

۸- العملیه:

 

وعن صفه العملیه، یحدد الأستاذ البنا أسبهابها الرئیسیه فیقول:

 

وأما إیثار الناحیه العملیه على الدعایه والإعلانات، فقد أثارها فی نفس الإخوان ودعا إلیها فی مناهجهم أمور: منها ما جاء فی الإسلام خاصاً بهذه الناحیه بالذات، ومخافه أن تشوب هذه الأعمال شوائب الریاء فیسرع إلیها التلف والفساد، والموازنه بین هذه النظره وبین ما ورد فی إذاعه الخیر، والأمر به والمسارعه إلى إعلانه لیتعدى نفسه، أمر دقیق قلما یتم إلا بتوفیق. ومنها نفور الإخوان الطبیعی من اعتماد الناس على الدعایات الکاذبه والتهریج الذی لیس من ورائه عمل. ومنها ما کان یخشاه الإخوان من معالجه الدعوه بخصومه حاده أو صداقه ضاره ینتج عن کلیهما تعویق فی السیر أو تعطیل عن الغایه (رساله المؤتمر الخامس).

 

 

 

۹- الوسطیه:

 

وعن هذه الخاصیه یقرر الأستاذ البنا ضرورتها للمشروع الإسلامی فیقول:

 

هذا الإسلام الذی بنی على المزاج المعتدل والإنصاف البالغ،…، والمسلمون الیوم بحاجه أکیده لهذه الخاصیه، تمکنهم من تقدیم فکرتهم ومشروعهم الإسلامی کنموذج حضاری بدیل للبشریه کلها یکون شاهداً علیها، مصداقاً لقوله تعالى: (وکذلک جعلناکم أمهً وسطاً لتکونوا شهداء على الناس ویکون الرسول علیکم شهیداً) [البقره: ۱۴۳] (رساله نحو النور).

 

من هذا العرض المختصر لأساس الدعوه وخصائصها الفکریه، یتضح لنا جلیاً أن أساس دعوتا بعامه، ومشروعنا النهضوی بخاصه، والخصائص الفکریه التی یتصفان بها .. تنبثق جملهً وتفصیلاً، وفقاً لفکر الأستاذ البنا، من إسلامنا العظیم کدین ونظام حیاه شامل وکامل.

المصدر : الشبکه الاخوانیه

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا