المقالات

لماذا کان الحل الإسلامی لمشاکلنا هو الأفضل

لماذا کان الحل الإسلامی لمشاکلنا هو الأفضل والأمثل والأنجح ؟

حسن البناء

الشعور العام بأن الأمه الإسلامیه تعانی فی العصر الأخیر من علل معقده ومعضلات اجتماعیه کثیره .

کانت حکومه الخلافه العثمانیه تسمى "الرجل المریض " ثم ذهب الرجل المریض واقتسمت ترکته حکومات أخرى , فهل شفی الحکم العلیل وصحّت الشعوب المریضه , وأصبح الشرق الإسلامی موارا بحرکات الإصلاح والنهوض ؟

لا أظن أن الحاضر خیرا من الماضی , فالمسلمون جمیعا والعرب خاصه یترنحون أمام ضربات إسرائیل التی أقامت سطوتها على أنقاضهم المادیه والأدبیه .

ولا یزعم عاقل أن هذه الحاله تدل على عافیه وسلامه أوضاع ..

إن الرجل المریض عاد مره أخرى فی أشخاص یحکمون أممهم کرها , ویعالجون عللها بجهل , ویسکتون الناصحین بکبر , ویفلسفون الهزائم المخزیه حتى یبقوا فی الحکم إلى أن یقضی الله أمرا کان مفعولا .

نظرت یوما فی برنامج رجل یدعی الإصلاح , کان شیوعیا یستر نفسه بعناوین مزوره , فقلت : تجربه فاشله . وسألنی سائل : لماذا ؟ فقلت : هل یمکن أن یزرع الشای فی الشرق الأوسط ؟ لا , لا التربه تقبل البذر , ولا الجو یعین على النمو , إنه جهد ضائع . قال : إن الجیش معه والصحافه معه و… قلت : لو کان کل شیء معه فالتجربه فاشله .

قد یملک الأجسام ولکنه لن یملک القلوب , قد تحفه طوائف من المرتزقه وهواه الکسب الحرام , ولکنه عند الجد سیفقد کل شیء .

إن هذه الأمه الإسلامیه لا تصلح إلا بدینها وحده وبعد استکمال العناصر الناقصه منه ـ وهی خطیره ـ وبعد استبعاد الخرافات التی الملصقه به ـ وهی کذلک ـ .

إن أمتنا بطبیعه الحال سوف تستعصی على کل حل غیر إسلامی , وسوف تبذل المحاولات الدامیه لإکراهها على تجرع أدویه لا تریدها وسوف تبدد الطاقه ـ طاقه الشعب والدوله معا ـ بین الأخذ والرد

وفی غضون هذا التناقض الداخلی یکسب الاستعمار العالمی معارکه , ویفرض نفسه.

وهناک حقیقتان مهمتان تحتاجان إلى الشرح :الأولى : أن الإسلام لم یجئ لهدم موسى أو عیسى , بل جاء لإحیاء ما قالوه وضاع فی غمار الماضی , (مَا یُقَالُ لَکَ إِلا مَا قَدْ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِکَ إِنَّ رَبَّکَ لَذُو مَغْفِرَهٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِیمٍ) (فصلت:۴۳) , فإذا کان الإسلام رساله لإصلاح العالم بوحی الله , فکیف یعجز عن إصلاح الأمه التی حملته وبلغته ؟

والحقیقه الثانیه : أن العرب ما دخلوا التاریخ إلا بهذا الدین , وما عرفت لهم حضاره , وتمت لهم قیاده وتحققت لهم سیاده إلا تحت رایه الإسلام ..

فکیف تکلف أمه بنسیان شخصیتها وحضارتها وتاریخها ؟..

إن هذا تکلیف لها بالانتحار … وتلک هی المهمه القذره التی ینفذها بعض الساده المرتدین .

إن العرب عاشوا بلا دین أیام آبائهم عاد وثمود ومدین , فبماذا جوزوا؟ رجفت الأرض بهم ورجمتهم السماء حتى بادوا وتطهرت منهم الدنیا.

ثم اختار الله محمدا وقومه لإقامه حکم صالح مصلح , أساسه القرآن العربی , ومنهج محمد الهادی الملهم , وقال الله سبحانه للإنسان الذی ناط به إصلاح الأرض:

(وَکَذَلِکَ أَنْزَلْنَاهُ حُکْماً عَرَبِیّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ مَا جَاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَکَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِیٍّ وَلا وَاقٍ) (الرعد:۳۷)

فکیف یکلف أحدٌ أتباع محمد بترک ما لدیهم من علم , واتباع الأهواء الراشحه من شرق أو غرب تحمل الشر والشرر؟

إن العرب لا یصلحون إلا بالإسلام وحده , هو الذی أذهب جاهلیتهم وأخرجهم من الظلمات إلى النور , والمرء قد یعرض له ذهول فیکبو , ثم یفیق فیبصر الطریق کما قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّیْطَانِ تَذَکَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (لأعراف:۲۰۱) .وکذلک العرب قد یفقدون رشدهم حینا ویفسدهم الترف والبطر و ثم تصحو ضمائرهم فیتوبون , أو تظل قلوبهم قاسیه حتى تنهال علیهم سیاط الغزو الخارجی , وتجوس الأعداء خلال دیارهم , وعندئذٍ یکویهم الندم ویسارعون بالعوده إلى الله فیقبلهم ویرد لهم الکره على أعدائهم.

والیوم نرید أن ننفض تراب الهزیمه عنا وأن نستأنف مسیرتنا کما کنا .. أعنی کما کان سلفنا الأوائل الکبار .

لابد لذلک من عناصر معینه لا یصنعها إلا الإسلام …

ـ نرید العاملین الذین یرقبون الله فی الخلوات ,فلا یکسلون عن واجب , ولا یخونون فی أمانه ,ولا تمتد أیدیهم إلى رشوه , ولا یبحثون عما لهم ویتجاهلون ما علیهم .

ـ نرید أساتذه وطلابا یسعدون بالمعرفه , ویتلذذون بالبحث ویحترمون الکتاب , ویرون الدراسه عباده , والسهر فی التحصیل تهجدا , ونفع الأمه بأی نوع من العلوم قربى إلى الله .

ـ نرید زراعا صناعا وتجارا ینمون اقتصاد أمتهم کما ینمون ثرواتهم , ویدرکون أن غنى الأمه یجعلها قادره على صون شرفها وحفظ حقوقها , وأن الجهاد المالی صنو الجهاد النفسی , وأن الأمم التی تتسول الإعانات من الدول الکبرى لن تعلو لها رساله ما دامت یدها السفلى.

ـ نرید ناسا یحافظون على المال العام , ویشعرون بحق الله فیه , وأن الآخذ منه دون وجه حق غلول , (وَمَنْ یَغْلُلْ یَأْتِ بِمَا غَلَّ یَوْمَ الْقِیَامَهِ ثُمَّ تُوَفَّى کُلُّ نَفْسٍ مَا کَسَبَتْ وَهُمْ لا یُظْلَمُونَ) (آل عمران:۱۶۱) .

ـ نرید حکاما لا یعبدون أنفسهم , یبرءون من جنون العظمه وشهوه السلطه , ویعرفون أن کل رئیس یجیء یوم القیامه مغلوله یداه إلى عنقه , فکه عدله أو أوبقه جوره کما جاء فی الحدیث الشریف .

إن حکام المسلمین من زمان قریب آذوا الله ورسوله , واستهلکوا شعوبهم حتى فنیت أو کادت خصال الآباء والأنفه , لطول إذلالهم لمن أعز الله وإعزازهم لمن أذل الله .إن الإسلام وحده هو صانع هذه العناصر التی لا تتم لنا حیاه إلا بها , والأمر کما قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا یُغَیِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى یُغَیِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:۱۱) .

ربما استطاعت أمم أخرى أن تعیش قصیرا أو طویلا وفق فلسفات مادیه أو خلقیه لا صله لها بالسماء , لکن أمتنا تحول مزاجها وکیانها إلى جهاز فرید لا یدور فیه إلا مفتاح واحد هو الإسلام , وستذهب کل المحاولات الأخرى سدى لا محاله .

ثم مَن مِن أهل الملل والنحل ترک دینه ؟ .. لقد أقبل الیهود فی موکب تظله صحائف التوراه والتلمود و ویتقدمه صخب من مزامیر آل داود , ورأى الناس بین القطبین الشمالی والجنوبی هذا الولاء الدینی العاصف فما أنکروا له صیحه , مع أنها صیحات جزارین , ودیست مدننا وقرانا فما رثی لنا أحد .

فهل کل ولاء مقبول إلا الولاء للإسلام ؟ وهل کل حل حسن إلا الحل الإسلامی ؟

لقد آن الأوان لیختفی إلى الأبد أولئک الساسه العرب الذین یکرهون الإسلام , ویطلبون من أمته أن تدیر ظهرها لکتاب الله وسنه رسوله , الواقع أنهم ثرثروا أکثر مما یطاق , وطال بقاؤهم أکثر مما ینبغی .

على أن الحل الإسلامی المنشود یخشى علیه من التزویر فی أیام اعتقلت فیها الحقائق , وتجرأ المفتون الکذبه على التزویر ,وتصویر الإسلام دینا لا یحترم الشورى مثلا , أولا یعترض استغلال النفوذ , أو لا یکترث لهضم الجماهیر .

إن الحل الإسلامی لا یحتاج إلى عبقریه فی تصوره وتصویره , لأنه سهل المأخذ من مصادر الإسلام المعصومه , والواقع أن العوائق دون تحکیم الإسلام خلقیه لا علمیه , وأن الحل الإسلامی یعرفه أهل الذکر , ولکن إبعادهم مقصود مرسوم .

إن المراکسه فی الصین وروسیا شکوْا من تحکم الفرد , ومع أن نظمهم بطبیعتها استبدادیه , فقد قرروا أن تدور شؤونهم فی وسط جماعی , یتم فیه تبادل الآراء والبحث عن الصواب , وأسره أوربا تأبى أن ینتسب إلیها إلا الحکام الدیمقراطیون.لیس هناک إلا العالم العربی والإسلامی الذی یعیش وحده فی ضباب من الدعاوى والترهات , إنه وحده دون أقطار الأرض کلها الذی یقول فیه حاکم : أنا صانع القرار .. وهو وحده الذی یُسمع فیه أن الحاکم لا یُسأل عما یفعل !!

إن الإسلام غریب فی هذا الجو الآسن الکریه , والحل الإسلامی لا یؤخذ من أفواه الجهال والکذبه.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا