الطریق من هنا ؟!

الطریق من هنا

حسن البنا

الَّذِینَ یُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَیَخْشَوْنَهُ وَلا یَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللهَ وَکَفَى بِاللهِ حَسِیباً

الأمه الإسلامیه تحمل رساله الله لعباده وتحرس أمانته فی أرضه أمانه المثل العلیا والأخلاق الکریمه والأوضاع السلیمه التی تقوم على العدل والإحسان وإیتاء ذی القربى وتنهى عن الفحشاء والمنکر والبغی.

وقد أخذ الله العهد والموثق على هذه الأمه التی اجتباها وما جعل علیها فی الدین من حرج وجعلها أمه وسطا هی خیر أمه أخرجت للناس أن تبلغ رساله الله لعباد الله وألا تقصر فی هذا التبلیغ بحال من لأحوال وأن تحفظ هذه الأمانه القدسیه وتحمیها من کل اعتداء وأن تبذل فی سبیل هذا التبلیغ وهذه لحمایه کل ما تملک من أنفس وأرواح ودماء وأموال وافترض علیها الجهاد بذلک کله فی سبیل الله متى تعرض رساله الله وأماناته التی بین یدی هذه الأمه لبغى الباغین وعدوان المعتدین.

(إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِینَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّهَ یُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللهِ فَیَقْتُلُونَ) (التوبه:۱۱۱) , (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ یَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِی سَبِیلِ اللهِ أُولَئِکَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحجرات:۱۵).وحین وجه الله عباده المؤمنین برسالته الحافظین لحدوده هذا التوجیه الربانی الکریم القویم غشاهم السکینه وألقى فی قلوبهم الطمأنینه وجللهم برداء الإیمان وثبتهم بهدایه الیقین فلم یرهبوا أحدا ولم یخافوا شیئا ولم یقصروا فی واجب ولم یحسبوا حسابا لقله أو کثره أو عدد أو عده، وحسبهم أنهم آمنوا أصدق الإیمان بأن الله سینصرهم وأنه إن نصرهم فلا غالب لهم .. (الَّذِینَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَکُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِیمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَکِیلُ) (آل عمران:۱۷۳).

فی هذا الطریق سارت هذه الأمه شوطا بعیدا آمنت برساله الله وأمانته واجتهدت فی التبلیغ عذرا أو نذرا ، وامتشقت الحسام حمایه للعدل والرحمه والحق من أن تضیع فی جلبه الظالمین وضوضاء المعتدین وحقق الله لها وعده فنصرها نصرا مؤزرا.

الیوم وقد ران على قلوب الناس ما کانوا یکسبون من إثم وفساد وبغى وعناد ، وضلت الإنسانیه کلها سواء السبیل وتألبت قوى الشر على ما بقی فی الأرض من بقیه الخیر وتقمص إبلیس عصابات الصهیونیه الشریره ومن ورائها الیهودیه العالمیه الفاجره ومعها دول الکفر وأمم الاستعمار الظالمه المعتدیه الباغیه.

الآن علینا نحن المسلمین فی کل أقطار الأرض أن ندرک خطانا وأن نعدل خط مسیرنا وأن نبدأ الطریق التی سلکها أسلافنا من جدید ، نکفر بهذه النظم جمیعا ونتنکر لهذه الأوضاع جمیعا ونقاطع هذه الضلالات کلها ونؤمن بالله ربا قویا قدیرا جبارا قهارا لا یعجزه شیء لأن بیده ملکوت کل شیء .. (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ) (یّس:۸۲) .ونؤمن برساله الله التی بین أیدینا نظاما اجتماعیا ربانیا لا عوج فیه ولا أمتا ، ونتجمع من حول هذه الرساله من أقصى المحیط إلى أقصى المحیط من أندونیسیا المسلمه إلى الدار البیضاء المسلمه کذلک ، ونعلن الجهاد لله وللحق وللعدل وللإحسان على هذا البغی الذی عم وطم وجاوز التقدیرات والحدود واکتوینا بناره وجحیمه وسیصلى العالم کله عن قریب ما لم تتغیر الحال لهیب جمراته وحمیمه فإن انتصرنا عشنا سعداء وإن قضینا قضینا شهداء کرماء .. (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلا إِحْدَى الْحُسْنَیَیْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِکُمْ أَنْ یُصِیبَکُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَیْدِینَا) (التوبه:۵۲).

ولابد من النصر ما دمنا صادقین .. (وَلَیَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ یَنْصُرُهُ) (الحج:۴۰).

یا رؤساء الدول الإسلامیه …

ویا زعماء الشعوب الإسلامیه …

إیاکم أعنى وإلیکمأوجه القول…

الطریق من هنا

حسن البنا