المقالات

الوقت هو الحیاه

الوقت هو الحیاه

حسن البناء

وَاللهُ یُقَدِّرُ اللَّیْلَ وَالنَّهَارَ

الوقت من ذهب , وهذا صحیح من ناحیه القیم المادیه للذین لا یقیسون الوجود إلا بها , ولکن الوقت هو الحیاه للذین ینظرون إلى أبعد من ذلک .

وهل حیاتک أیها الإنسان ی هذا الوقود شیء غیر الوقت الذی یمضی بین الوفاه والمیلاد ؟ وقد یذهب الذهب وینفد ولکنک تستطیع أن یکون منه أضعاف ما فقدت , ولکن الوقت الذاهب والزمن الفائت لا تستطیع له إعاده أو إرجاعا , فالوقت إذاً أغلى من الذهب وأغلى من الماس , وأغلى من کل جوهر وعرض لأنه هو الحیاه .

ولیس النجاح متوقفا على الخطه الدقیقه , والظروف المواتیه فحسب , ولکنه متوقف على اللحظه المناسبه کذلک , وقد کانوا یحذرون من الرأی الفطیر , ومن الرأی المتأخر أیضا , , والتوفیق أن یقع العمل فی لحظته المناسبه :

(وَاللهُ یُقَدِّرُ اللَّیْلَ وَالنَّهَارَ) (المزمل:۲۰)

ولهذا کان أعظم الناس تعرضا للخساره والإخفاق أولئک الغافلون .

(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ کَثِیراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْیُنٌ لا یُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا یَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِکَ کَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِکَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (لأعراف:۱۷۹) .

ولقد کان من دعاء الصدیق رضی الله عنه : (اللهم لا تدعنا فی غمره , ولا تأخذنا على غره و ولا تجعلنا من الغافلین) , وقد کان عمر رضی الله عنه یدعو بان یرزقه الله البرکه فی الوقات وإصلاح الساعات , ولا تزول قدما عبد یوم القیامه حتى یسأله الله عن عمره فیما أفناه؟ وعن ماله مم اکتسبه؟ وفیما أنفقه؟

ومن أروع الصور التی عرض فیها رسول الله صلى الله علیه وسلم قیمه الوقت الکریم : (ما من یوم ینشق فجره إلا وینادی: یا ابن آدم , أنا خلق جدید ، وعلى عملک شهید , فتزود منی , فغنی لا أعود إلى یوم القیامه أبدا).لیس أغلى فی الوجود إذاً من الوقت , وغن الأوقات لتتفاوت فی یمنها وبرکتها و وحسن حظها وسعاده جدها , فساعه أعظم برکه من ساعه , ویوم أفضل عند الله من یوم , وشهر أکرم من شهر .

هو الجد حتى تفضل العین أختها وحتى یکون الیوم للیوم سیداتی وسادتی

وتلک فرصه أتاحها الله لنا نحن المؤمنین و لنطرد فیها شبح الغفله , ولنعود فیها إلى التذکره والیقظه , ولنغنم منها نفحات الفضل حین تهب نسمات القبول , فإن الحسنه تتضاعف فی هذه الأوقات المبارکه , فیرفع الله فیها من درجات عباده الصالحین , کما یفتح باب المتاب على مصراعیه لیدخل من أراد الله به الخیر من التائبین المنیبین .

ولقد جاءت الآیات الکریمه تشیر إلى هذه الأوقات الیومیه والأسبوعیه والسنویه ,کما أکدت ذلک التوجیهات النبویه .

فالله تبارک وتعالى یقول : (فَسُبْحَانَ اللهِ حِینَ تُمْسُونَ وَحِینَ تُصْبِحُونَ) (الروم:۱۷) .

ویقول : (وَاذْکُرْ رَبَّکَ فِی نَفْسِکَ تَضَرُّعاً وَخِیفَهً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَکُنْ مِنَ الْغَافِلِینَ) (لأعراف:۲۰۵) .

ویقول : (وَالْفَجْرِ , وَلَیَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:۱-۲) .

ویقول : (لِیَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَیَذْکُرُوا اسْمَ اللهِ فِی أَیَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) (الحج:۲۸) .

ولقد وجهنا رسول الله صلى الله علیه وسلم إلى قیمه الوقت وطریق الانتفاع به ,فیما ورد عنه فی کثیر من الأحادیث , مشیرا إلى أن المؤمن بین مخافتین , بین عاجل قد مضى لا یدری ما الله صانع فیه , وبین آجل قد بقی لا یدری ما الله قاض فیه , فلیأخذ العبد من نفسه لنفسه , ومن دنیاه لآخرته , ومن الشبیبه قبل الهرم , ومن الحیاه قبل الموت.

فیا أیها الأخ العزیز :أمامک کل یوم لحظه بالغداه ولحظه بالعشی , ولحظه فی السحَر , تستطیع أن تسمو فیها کلها بروحک الطهور إلى الملأ , فنظفر بخیر الدنیا والآخره , وأمامک یوم الجمعه ولیلتها , تستطیع أن تملأ فیها یدیک وقلبک وروحک بالفیض الهاطل من رحمه الله على عباده , وأمامک مواسم الطاعات وأیام العبادات ولیالی القربات , التی وجهک إلیها کتابک الکرم ورسولک العظیم , فاحرص على أن تکون فیها من الذاکرین لا من الغافلین , ومن العاملین لا من الخاملین , واغتنم الوقت فالوقت کالسیف , , ودع فلا أضر منه :

وکن صارما کالوقت فالمقت فی عسى وخل لعل فهی أکبر عله

وسل الله لنا ولک التوفیق للعمل المقبول والوقت الفاضل

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا