حقیقه الابتلاءات!
حقیقه الابتلاءات!
✍ د. #محمد_بدیع |المرشد العام لجماعه الإخوان المسلمین.
⚠️عندما نتدبَّر آیات الله عز وجل فی القرآن التی حدثتنا عن ابتلاءات الأنبیاء والرسل، صلوات الله وسلامه علیهم أجمعین، سنجد أنها سنهٌ لا تتخلَّف أن یکون هؤلاء الرهط الکریم أکرم الخلق على الله أشدَّ الناس بلاءً “الأنبیاء ثم الأمثل فالأمثل”، وقد تعدَّدت صور الابتلاءات، وتنوَّعت لکل رسول ونبی على حده.
?وعلى رأس الجمیع الحبیب محمد صلى الله علیه وسلم، فکمُّ الابتلاءات التی تعرَّض لها وتنوُّعها لم تجتمع على إنسان واحد قط؛ کی یکون بحق قدوهً لکل مبتلًى وکل مظلوم وکل من کُذِّب وأوذی .. {لَقَدْ کَانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ لِمَنْ کَانَ یَرْجُو اللَّهَ وَالْیَوْمَ الْآخِرَ وَذَکَرَ اللَّهَ کَثِیرًا} (الأحزاب: ۲۱).
? فها هو یعانی من الیتم المزدوج للأبوین، وکذلک الاغتراب منذ طفولته، والفقر وضیق ذات الید؛ حتى یعمل راعیًا للغنم، ثم قاسى وفاه الجد ووفاه العم ووفاه الزوجه ووفاه الابن وطلاق البنتین، وابتلاء حمل الرساله، وثقل الأمانه فی مواجهه الصدِّ والتکذیب والإیذاء وضربه بالحجاره، وإلقاء سلا الجزور على ظهره الشریف، وإیذاء أتباعه بکل صنوف العذاب، ثم الحصار والمقاطعه والسجن فی شعب أبی طالب “ما لهم من طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت الأشداق”، وهو ما لم یحدث فی أی سجن من السجون حتى الآن.
▪️وکان الصحابه یستغیثون به، لعل دعوهً واحدهً مستجابهً ترفع عنهم هذا البلاء، وقد کان ذلک ممکنًا لولا أنَّ رسول الله صلى الله علیه وسلم یعلم أن هذه سنه الله فی أصحاب الدعوات؛ لقول الله عز وجل {وَلَنَبْلُوَنَّکُمْ بِشَیْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِینَ} (البقره: ۱۵۵). من هم هؤلاء؟! {الَّذِینَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِیبَهٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَیْهِ رَاجِعُونَ} (البقره: ۱۵۶)، أی أننا نحن وما نملک ملکٌ لله، وکلنا وما تحت أیدینا عاریهٌ مستردَّه، سیأخذها صاحبها وقت ما یشاء.
⚪️ لذلک کان صلى الله علیه وسلم یضرب للصحابه مثلاً أصعب مما هم فیه من التعذیب والأذى، وهو ما حدث لأصحاب عیسى ابن مریم علیه السلام؛ لیؤکد لهم أن هذه ضریبه الدعوات وثمن الجنه لمن أراد أن یشری نفسه ابتغاء مرضاه الله، فسلعه الله غالیه، ولیس أمامهم إلا الثبات حتى یُظهر الله هذا الدین أو نهلک دونه.
⛔️ وقد عُرضت علیه کلُّ الإغراءات، یا من تظنون أننا طلاب سلطه .. لو أردت مُلکًا ملَّکناک، ولو أردت مالاً جمعنا لک المال حتى صرت أغنانا، فکان ردُّه صلى الله علیه وسلم: “والله یا عم لو وضعوا الشمس فی یمینی والقمر فی یساری على أن أترک هذا الأمر ما ترکته حتى یظهره الله أو أهلک دونه”.
?ولقد حذَّره ربه- ونحن من بعده-: {وَأَنِ احْکُم بَیْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن یَفْتِنُوکَ} (المائده: من الآیه ۴۹)، {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ} (القلم: ۹)، ومن هنا وبناءً على هذه القواعد الأصلیه علَّمَنا الأستاذ البنا رحمه الله علیه أن ما یصیبنا فی هذا الطریق إنما هو من العلامات الدالَّه على سلامه الطریق وصدق التوجه .. “ستُسجنون وتُشرَّدون وتُنقَلون وتُصادَر أموالُکم، وسیستغربون فهمَکم للإسلام عندها تکونون قد بدأتم تسلکون سبیل أصحاب الدعوات”.
?حتى لا یظن أحد أن هذه الابتلاءات سببها أننا دخلنا المعترک السیاسی، وأننا ننافس فی الانتخابات، وأننا لو توقفنا عن ذلک وانکفأنا على ذاتنا وحصرنا دورنا فی العمل الدعوی والتربوی لأنقذْنا أنفسنا وإخواننا وجماعتنا من هذا الظلم والاضطهاد والسجون والمعتقلات ومصادره الأموال وتفزیع الزوجات والأولاد والبنات والآباء والأمهات، وهذا وهمٌ؛ لأنهم لا یحاربوننا من أجل الإقصاء السیاسی أو الاستئثار بالبرلمان والنقابات والاتحادات والأندیه .. کلا وألف کلا .. والله لو ترکناهم وشأنهم ما ترکونا وشأننا.
?أما السبب الحقیقی فهو الحق الذی نحمله، والإسلام الشامل الذی ننادی به کما قال ورقه بن نوفل ابن عم أم المؤمنین السیده خدیجه بنت خویلد رضی الله عنها لرسول الله صلى الله علیه وسلم “فما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودی”، وإننا وهم فی سفینه واحده یحاولون خرقها، ونحن أمرنا بأن نقف فی وجه إفسادهم لننجو وسینجون معنا إن استجابوا.
https://t.me/ALekhwan