المقالات

الإمام البنا والمشروع الإسلامی

الإمام البنا والمشروع الإسلامی

بقلم: جمال ماضی

منذ ۵۹ عامًا امتدت رصاصات الغدر لتنال من
المشروع الإسلامی الذی قدَّمه الإمام البنا للأمه، فمات الإمام وبقی المشروع
الإسلامی، وما زال یحمله رجال هذه الدعوه المبارکه، ویورثونه للأجیال التی تنبؤ
بمستقبل مشرق لأمتنا الإسلامیه.

 

لقد استطاع الإمام البنا فی صراحهٍ ووضوحٍ،
بلا لبسٍ أو غبار، أن یُقدِّم للأمهِ مشروعها العصری: منهجًا ونهضهً ودعوهً
وتربیهً ومقاومهً وتحریرًا للأوطان، حتى بات السؤال الدائر الیوم: هل المشروع الذی
قدَّمه الإمام البنا صالح الیوم فی صدِّ الهجمه الأمریکیه والصهیونیه؟ وللإجابه
یجب علینا أن نستعرض ملامح هذا المشروع کما قدَّمه البنا ویقدمه الیوم رجال هذه
الدعوه.

 

أولاً: المنهج

 

فقد قدَّمه الإمام بینما التصارع قائمٌ بین
المنهجین الإصلاحی والتغییری؛ وذلک باختیاره للإسلام الذی یدعو إلى التغییر
المرحلی والقائم على المبادرات الإصلاحیه العملیه، وبذلک جمع الإمام البنا بین
المنهجین الإصلاحی والتغییری، فسار بخطواتٍ واضحهٍ، خاصهً مع الملفات الشائکه مثل
التعامل مع الأقباط، والتعامل مع النظام، والتعامل مع الخلافه.

 

وکذلک کان صریحًا فی اختیاره للوسائل، فرفض
الثوره، ووضع شروطًا لاستعمال القوه، واعتمد النضال الدستوری السلمی فی التغییر
والإصلاح.

 

ولذلک جاءت خلاصه ما قدَّمه البنا من المنهج
ممثله فی التالی:

– الإسلام منهج تغییری یشمل کل جوانب
الحیاه.

– کل خطى الإصلاح المؤدیه للتغییر معتمده
شریطه موافقه الشرع.

– منهج البنا موافق للإسلام ومنهج الرسول
صلى الله علیه وسلم.

 

ووفق هذا المنهج:

فالساحه الإسلامیه لیست بدیلاً عن الأمه
الإسلامیه، والدوله المدنیه لیست بدیلاً عن دوله الإسلام، والمطالبه بالحریه
والعداله والمساواه لیست بدیلاً عن شرع الله، والجماعات الإسلامیه لیست بدیلاً عن
الدوله الإسلامیه، والدیمقراطیه لیست بدیلاً عن الشورى.

 

ثانیًا: فی مجال الدعوه وإصلاح الأمه

 

انطلقت من خلال قواعد ثابته لدى الإمام وهی:
إیمانه بالتغییر وأخذه بالإعداد والتدریب، وانتهاجه للتخطیط والمرحلیه، واعتماده
للنهج الجماهیری واستیعابه للجمیع.

 

ومن ثَمَّ أوجب ذلک على الإخوان عده واجبات
منها:

– الانطلاق الذاتی والعمل الاجتماعی والولاء
لله والدعوه إلى رأی عام یساند الإصلاح الشامل وانتقاء الصالحین المؤهلین لحمل
الأعباء برغبتهم واختیارهم الحر.

 

ثالثًا: فی مجال التربیه ونهضه الأمه

 

لم یکن ما قدَّمه البنا هو تربیه أفراد
الإخوان فقط، أو تربیه المجتمع لیکون أفراده من الإخوان المسلمین، بل ما قدَّمه هو
تربیه الأمه ونهضتها.

 

ومن ثَمَّ غرس فی الأمهِ معانی جدیده هی
لُبُّ الإسلام مثل:

– المسئولیه والغیره على الإسلام والمسلمین،
والعمل المتواصل والفناء فی خدمهِ الآخرین، والدعوه لوحده الأمه، والاستقامه
بالتوازن والاعتدال والوسطیه بعیدًا عن التعصب والتطرف والعنف.

ومبینًا أن هذه المعانی لا تتحقق إلا:

– بصفاء النفوس والبذل والعطاء والإیمان
العمیق والتکوین الدقیق؛ ولذلک لم یکن التنظیم سوى وسیله لتطبیق هذه المعانی ولیس
هدفًا، فقد أطلق الإمام علیها دقه التنظیم ولیس سریه التنظیم، فشتان بین الاثنین
فکرًا وسلوکًا.

 

رابعًا: صفات الشخصیه التی أرادها لحامل هذا
المشروع

 

فقد أوضحها الإمام من خلال تطور شخصیته هو
من التأثر بالصوفیه ثم السلفیه ثم الأزهر، حتى أصبح قائدًا دعویًّا، ثم قائدًا
شعبیًّا، ومن ثَمَّ کان الطریق طبیعیًّا إلى زعامهٍ سیاسیه، سرعان ما اختارته
الأمه زعیمًا لها یقودها فی أخطر قضایاها- القضیه الفلسطینیه-، والتی استشهد من
أجلها.

 

ومن خلال ذلک وضع الإمام صفات هذه الشخصیه
المؤهله لحمل المشروع الإسلامی، فی ست سمات ترجمها الإمام البنا بسیرته وسلوکه
وعمله، حتى بات یعرف بها وهی: العالمیه والمیدانیه والجهاد والتغییر والجماهیریه
والأمل.

 

خامسًا: وضع وتقدیم أول مشروع للمقاومه

 

حیث کان الإمام أول مَن وضع للأمه مشروعًا
للمقاومه وتحریر الأوطان، فحول الفکر الإسلامی إلى حرکه فاعله، وحول مفهوم الجهاد
من الاعتقاد إلى الممارسه، ثم وضع هذه الأفکار فی إطار عملی تنفیذی متجدد ومتطور.

 

وکانت الأسس التی اعتمدها الأمام فی مشروع
المقاومه أربعه أسس:

الأول: استنهاض الأمه

الثانی: تحدید المقاومه کفکر

الثالث: غرس المفاهیم الجهادیه

الرابع: بیان الدور العملی للأفراد والمجتمع

 

وقد استطاع الإمام البنا قبل الدعوه لتحریر
الأوطان من صورِ الاحتلال أن یغرس فکر المقاومه قبل المقاومه العملیه، ومن ثَمَّ
کان هذا التنافس الغیر مسبوق بین أفراد المجتمع، للانضمام فی صفوف المقاومه سواء
کان فی حرب القنال ضد الإنجلیز، أو حرب فلسطین ۴۸ ضد الصهاینه.

 

فقدَّم مشروع المقاومه الذی أراه الیوم
الضامن الوحید، لمقاومه المحتل فی أفغانستان والعراق وفلسطین، والذی یقوم على عشر
خطوات:

أولاً: معرکه مفاهیم والتی أجملها فی أرکان
البیعه العشره

ثانیًا: رؤیه شامله فی إطار ما قدمه من
الأصول العشرین

ثالثًا: مواجهه فکریه وعلمیه وواقعیه
للشبهات والتحدیات

رابعًا: الوعی بالمؤامرات المستتره وغرس
الإراده القویه

خامسًا: الحرکه بهذا المفهوم والعمل على
نشره فی الأمه

سادسًا: بناء روح المقاومه وحب التضحیه
والعمل المتواصل

سابعًا: اعتماد لغه خطاب جدیده تدفع إلى
الهمه والحرکه

ثامنًا: بعث الأمل وغرس بشریات النصر والثقه
فی الله

تاسعًا: اعتماد المقاومه الشامله بکل
أشکالها وأنواعها

عاشرًا: الحریه أولاً والتحرر من کل سلطان
أجنبی واقتصادی

 

وشهد شاهد من أهلها

 

لقد جاءت شهاده باحثه ألمانیه فی محاضرهٍ
لها بالجامعه الأمریکیه بالقاهره تأکیدًا لدور الإمام البنا فی تقدیم المشروع
الإسلامی للأمه؛ حیث تقول: إن الإخوان المسلمین یمثلون قوهً سیاسیهً واجتماعیهً
مهمهً فی المنطقه العربیه، وتقول: حسن البنا هو مؤسس أول حرکه اجتماعیه عربیه
حدیثه، وأکدت أن جماعه الإخوان ومؤسسها لها تأثیرات حاسمه على الخطاب الإسلامی
وعلى التطورات الاجتماعیه والثقافیه والأیدیولوجیه فی العالم الإسلامی أجمع.

 

إن هذا المشروع هو بعینه السبب الرئیس فی
قوه وثبات حماس الیوم حرکهً وحکومهً، وأزعم أن هذا المشروع هو ما تسبب فی الأزمه
الدماغیه التی أصابت شارون، وهی کذلک سر التحدیات التی تواجه الیوم حماس، وأعظم
هذه التحدیات خوف الأنظمه من تصدیر هذا النموذج العملی الواقعی إلى شعوبها
الملتهبه والتی تقترب من الخط الأحمر الذی وضعته الأنظمه، بسبب هشاشتها وتآکلها
وشیخوختها، أو بالأحرى انتهاء صلاحیتها!.

———-

* gamalmady@yahoo.com

المصدر: اخوان ان لاین

 

نمایش بیشتر

مطالب مرتبط

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا