معانی الدعوه فی القرآن، انواعها واسالیبها و طرقها
معانی الدعوه فی القرآن، انواعها واسالیبها و طرقها
الدعوه فی اللغه والاصطلاح
تعریف الدعوه ومعناها لغه واصطلاحا
أولا : الدعوه فی اللغه
کلمه ( الدعوه ) مصطلح إسلامی، وهناک علاقه وثیقه بین مدلول هذا اللفظ فی الأصل اللغوی، وبین استعماله کمصطلح إسلامی صرف .
معانی الدعوه فی القرآن
ورد لفظ الدعوه فی القرآن الکریم للدلاله على معانی متعدده منها:
۱ ـ معنى الطلب: نحو قوله تعالى: ( لا تدعو الیوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً کثیراً) (الفرقان: ۱۴). بمعنى لا تطلبوا الیوم هلاکاً واحداً بل اطلبوا هلاکاً وویلاً کثیراً فإن ذلک لن ینفعکم.
۲ ـ معنى النداء: نحو قوله تعالى:( ویوم یقول نادوا شرکائی الذین زعمتم فدعوهم فلم یستجیبوا لهم وجعلنا بینهم موبقًا) (الکهف:۵۲). أی فنادوهم فلم یستجیبوا لهم.
۳ ـ معنى السؤال: نحو قوله تعالى حکایه عن بنی إسرائیل:( قالوا ادع لنا ربک یبین لنا ما لونها) (البقره:۶۹). أی اسأل ربّک یبین لنا ما لون البقره التی أمرنا بذبحها.
۴ ـ معنى الحث والتحریض على فعل شیء: نحو قوله تعالى حکایه عن مؤمن آل فرعون:( ویا قوم مالی أدعوکم إلى النجاه وتدعوننی إلى النار) (غافر:۴۱). بمعنى أنه لیس من العدل والإنصاف أن أحثّکم وأحرضکم على فعل ما من شأنه نجاتکم فی الدنیا والآخره، وأنتم تحرضوننی على فعل ما من شأنه هلاکی.
۵ ـ معنى الاستغاثه: نحو قوله تعالى:( قل أرأیتکم إن أتاکم عذاب الله أو أتتکم الساعه أغیر الله تدعون إن کنتم صادقین) (الأنعام:۴۰).
بمعنى: هل إذا أتاکم عذاب وغضب من الله وأصابتکم کارثه أو مصیبه أو أتتکم الساعه هل إذ حدث ذلک تستغیثون بغیر الله؟ فإن کلمه تدعون فی الآیه بمعنى الاستغاثه.
۶ ـ معنى الأمر: نحو قوله تعالى : {وما لکم لا تؤمنون بالله والرسول یدعوکم لتؤمنوا بربکم} (الحدید:۸). أی والرسول یأمرکم أن تؤمنوا بالله ربکم.
۷ ـ معنى الدعاء: نحو قوله تعالى:( ادعوا ربکم تضرُّعاً وخفیه) (الأعراف:۵۵). بمعنى توسلوا إلى الله بالدعاء وتقربوا إلیه به.
هذه معانی متعدده استُعمل لفظ الدعوه للدلاله علیها کما ورد فی القرآن الکریم ، وإذا نظرنا بشیء من الإمعان إلى تلک المعانی سوف نجد أنها تعود جمیعها إلى أصل واحد وهو معنى «الطلب».
فالنداء هو طلب الحضور والمجیء سواء لأمر حسی أو معنوی.
والسؤال: هو طلب العلم بشیء لم یکن معلوماً لدى السائل.
والتحریض والحث: هو طلب إتیان فعل غیر مرغوب فیه عند المخاطب.
والاستغاثه: طلب رفع ضرر واقع على المستغیث.
والأمر: طلب إتیان الفعل مطلقاً.
والدعاء: هو الطلب من الله سبحانه وتعالى.
وتعدّد معنى الدعوه کما هو واضح بغرض بیان القصد المراد منها.
ومن ثمّ یمکن تعریف الدعوه إلى الإسلام من خلال ما تقدم بأنها : الطلب من الناس الدخول فی طاعه الله تبارک وتعالى، وطاعه رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم، والالتزام بشرائعه أی التدین بالدین الإسلامی الحنیف الذی اختاره الله تبارک وتعالى لخلقه والعمل بتعالیمه. ( یا أیها الناس اعبدوا ربکم الذی خلقکم والذین من قبلکم لعلکم تتقون) (البقره:۲۱) .
الدعوه فی الاصطلاح
الدعوه فی لسان الشرع قد وردت فیها عده تعاریف، نذکر منها:
۱) تعریف شیخ الإسلام ابن تیمیه – رحمه الله – :
(الدعوه إلى الله، هی الدعوه إلى الإیمان به، وبما جاءت به رسله، بتصدیقهم فیما أخبروا به وطاعتهم فیما أمروا).
انظر: مجموع الفتاوى لابن تیمیه ج۱۵/ ۱۵۷
۲) تعریف د. السید محمد الوکیل:
الدعوه إلى الله هی جمع الناس إلى الخیر،ودلالتهم على الرشد، بأمرهم بالمعروف ونهیهم عن المنکر، قال تعالى: ((والتکن منکم أمه یدعون إلى الخیر)) [آل عمران ۱۰۳].
انظر: أسس الدعوه وآداب الدعاء للدکتور السید محمد الوکیل، ص۹
۳) تعریف الشیخ الصواف:
الدعوه هی رساله السماء إلى الأرض، وهی هدیه الخالق إلى المخلوق، وهی دین الله القویم، وطریقه المستقیم، وقد اختارها الله وجعلها الطریق الموصل إلیه سبحانه، ((إن الدین عند الله الإسلام)) [آل عمران ۱۹]، ثم اختارها لعباده، وفرضها علیهم، ولم یرض بغیرها بدیلاً عنها ((ومن یتبع غیر الإسلام دینا فلن یقبل منه وهو فی الآخره من الخاسرین)) [آل عمران ۱۸۵].
انظر: الدعوه والدعاء للصواف، ص۲۲
وخلاصه التعاریف فإننا نقول بأن الدعوه إلى الله هی قیام الداعیه المؤهل بإیصال دین الإسلام إلى الناس کافه (أمه الدعوه وأمه الاستجابه) وفق الأسس والمنهج الصحیح، وبما یتناسب مع أصناف المدعوین ویلائم أحوال وظروف المخاطبین
أنواع الدعوه إلى الله
خصائص الدعوه إلى الله
أولا: ربانیه المصدر
الدعوه إلى الله مصدرها الله تعالى، فهی مرتبطه به، وهذا ما أضفى علیها قدسیه لا نجدها فی الدعوات الوثنیه والأرضیه الأخرى، بل وحتى الدعوات التی تستند إلى کتب سماویه تفتقد إلى هذه القدسیه، کالمسیحیه المحرفه التی تتبنى عقیده التثلیث.
وارتباط الدعوه بالله عز وجل یبعث الطمأنینه والسکینه فی قلب الداعی، فکما یقول ابن عطاء الله السکندری: [من وجد الله فماذا فقد].
ثانیا: عالمیه الانتشار
فهی لا تخص جنسا معینا، بل تتوجه إلى کل البشر مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَهً لِلْعَالَمِینَ﴾ [سوره الأنبیاء، الآیه ۱۰۷].
وهی عالمیه من حیث الزمان فهی لا تتوقف إلى أن یرث الله الأرض ومن علیها ولا تتعطل أبدا، أما من حیث المکان فهی نور الله الذی یضیء جمیع الأرض، لذلک على الدعاه أن یستشعروا مسؤولیتهم فی تبلیغ الدعوه إلى کل الآفاق.
ثالثا: شمولیه المنهاج
فهو یستوعب کل شرائح المجتمع: العالمین والجاهلین، والأغنیاء والفقراء، والمؤمنین والکافرین… وهذا المنهاج یخاطب کل شریحه مع مراعاه خصوصیاتها حتى تکون الدعوه على بصیره وفهم وعلم ودرایه وبالتالی تکون ناجحه، قال تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِیلِی أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِیرَهٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِی وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِکِینَ﴾ [سوره یوسف، الآیه ۱۰۸].
رابعا: مراعاه واقع المدعوین
الدعوه واقعیه تأخذ بعین الاعتبار ظروف المدعوین الاجتماعیه والثقافیه وطبیعه مشاکلهم…، لذا على الداعی أن یکون واقعیا فی تعامله معهم.
خامسا: ایجابیه النظره
أ- الکون: وهی نظره إعمار واکتشاف، فهذا الکون- الذی خُلِقنا فیه – یسیر وفق نوامیس أودعها الله فیه لابد من اکتشافها، ومن ثم العمل بمقتضاها للإعمار، فهذه النظره تخلق فی الإنسان حب التأمل وتوحید الله المبدع فی صنیعه فیزداد إیمانا على إیمانه، وعلما بحقیقه خالقه، ألیس الله هو القائل: ﴿…إِنَّمَا یَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِیزٌ غَفُورٌ﴾ [سوره فاطر، الآیه ۲۸].
ب- الحیاه: وهی فتره للعمل فیما ینفع الناس، ولا تقاس بحیاه الأفراد، وهذا ما أراد الرسول أن یرسخه فی نفوس المؤمنین: (إذا قامت الساعه وفی ید أحدکم فسیله فلیغرسها) [رواه أحمد]، وجسده ذلک الفلاح المسن الذی غرس أشجارا – تثمر بعد سنوات – لما استفسر عن سبب غرسه إیاها فقال: [غرسوا فأکلنا، ونحن الآن نغرس لیأکل من یأتی بعدنا].
ج- الإنسان: هو المخلوق الذی کرمه الله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ کَرَّمْنَا بَنِی آدَمَ…﴾ [سوره الإسراء، الآیه ۷۰].
وهو الأساس فی قیام الحضاره کما یقول مالک بن نبی لذلک لابد من المحافظه علیه جسدا وروحا کما أمرنا تعالى: ﴿وَابْتَغِ فِیمَا آتَاکَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَهَ وَلَا تَنسَ نَصِیبَکَ مِنْ الدُّنْیَا وَأَحْسِنْ کَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَیْکَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِی الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ﴾ [سوره القصص، الآیه ۷۷].
سادسا: أخلاقیه الوسائل والأهداف
الأخلاق فی الإسلام عامه لا تخص المسلمین فقط، لقوله : (اتق الله حیثما کنت، واتبع السیئه الحسنه تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) [رواه الترمذی وقال حدیث حسن]، لیس کالدعوه الیهودیه التی تستند إلى التوراه المحرفه والتلمود والبروتوکولات الداعیه إلى التحلی بالأخلاق فیما بینهم والتملص منها مع غیرهم.
إن الدعوه إلى الله أهدافها أخلاقیه ووسائلها کذلک ومنه صیغت القواعد التالیه: [نبل الوسائل من نبل الأهداف] و[طهر الأدوات من طهر الغایات]، و[سلامه المنطلقات من سلامه المآلات]، ففی ظل الدعوه إلى الله تنتفی القاعده المیکیافلیه [الغایه تبرر الوسیله]، فغایه الدعوه هی التمکین لدین الله وهی غایه نبیله ووسائلها کذلک نبیله.
الفرق بین أسالیب الدعوه ووسائلها
إن من أهم ما ینبغی على الدعاه إلى الله أن یفرقوا بین وسائل الدعوه إلى الله وأسالیب الدعوه، وأن یفهموا معنا کل منهما، حتى یکونوا على قدر من الکفاءه والعلم لتبلیغ دعوه الله تعالى.
المصطلح الأول: وسائل الدعوه.
تعریفها لغه: هی ما یتقرَّب به إلى الغیر، والجمع وَسیلٌ ووَسائِلُ، یقال: وَسَّلَ فلانٌ إلى ربّه وسِیلهً إِذا عَمِل عملاً تقرَّب به إِلیه، کما قال تعالى: (( یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَهَ)) ] المائده: ۳۵[.
قال الإمام ابن جریر الطبری (( “الوسیله”: هی”الفعیله” من قول القائل:”توسلت إلى فلان بکذا”، بمعنى: تقرَّبت إلیه، ومنه قول عنتره: إنَّ الرِّجَالَ لَهُمْ إِلَیْکِ وَسِیلَهٌ… إِنْ یَأْخُذُوکِ، تکَحَّلِی وتَخَضَّبی )).
تعریفها اصطلاحًا: هی ما یستعمله الداعیه من الوسائل الشرعیه الحسیه، أو المعنویه ینقل بها دعوته إلى المدعوین.
وینبغی للداعیه معرفه الضوابط الشرعیه للوسائل، ومراعاه أحوال من تستخدم معهم، حتى لا یقع فی الخلل والاضطراب، فهاهنا ضابطان لا بد من مراعاتهما وهما:
أولا: الإذن بمعنى أن تکون مأذونا بها سواء إذن تنصیص أی جاءت منصوصا علیها أو بدخولها تحت قاعده عامه کالمباح.
ثانیا: المصلحه ویشمل ذلک مناسبه المقام، واختیار الوسیله ورجحان المصلحه على المفسده
أمثله على وسائل الدعوه إلى الله تعالى:
۱) إرسال الرسل والدعاه.
۲) تسلیه المدعوین وتنشیطهم.
۳) الجهاد فی سبیل الله عز وجل.
۴) الخطابه على المنبر أو مکان مرتفع.
۵) الزیاره والعیاده
۶) الکتب والرسائل.
وهذه الأمثله على سبل المثال لا الحصر وإلا وسائل الدعوه إلى الله کثیره جدا، فمتى کانت هذه الوسیله مباحه شرعًا، لا محذور فیها، ولا مخالفه شرعیه، فعلى الداعیه استخدامها فی تبلیغ دعوه الله تعالى.
المصطلح الثانی: أسالیب الدعوه.
تعریفها لغه: الأسلوب هو: الطریق والفن، یقال أخذ فلان فی أسالیب من القول أی أفانین منه.
تعریفها اصطلاحًا: هی العلم الذی یتصل بکیفیه مباشره التبلیغ، وإزاله العوائق عنه.
والمصادر الأساسیه التی یستمد الداعیه أسالیب دعوته الحکیمه منها: هی کتاب اللّه، وسنه رسوله صلى الله علیه وسلم، وسیره السلف الصالح.
أمثله على أسالیب الدعوه إلى الله تعالى:
تقوم جمیع أسالیب الدعوه إلى الله على أسلوب الحکمه، والموعظه الحسنه، والجدال بالتی هی أحسن، کما قال تعالى: (( ادْعُ إِلَى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَهِ وَالْمَوْعِظَهِ الْحَسَنَهِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِی
هِیَ أَحْسَنُ ))]النحل:۱۲۵[. وأسالیب الدعوه لها مکانه بالغه فی الدعوه إلى الله عز وجل، ومنها:
۱) التدرج فی الدعوه.
۲) السؤال والجواب.
۳) الاستفهام الاستنکاری.
۴) التشبیه وضرب الأمثال.
۵) الترغیب.
۶) الترهیب.
ولعل هذه من أهم الأسالیب التی استخدمها النبی صلى الله علیه وسلم فی دعوته، وهی على سبیل المثال لا الحصر.
ومما سبق یتبین لنا أن الوسائل تختلف عن الأسالیب بأمور منها:
۱) غالبا الوسائل تکون حسیه والأسالیب معنویه.
۲) الوسائل تنقل الأسالیب.
أهمیه معرفه الداعیه لأسالیب الدعوه وکیفیه تطبیقه لها
عندما بعث الرسول صلى الله عله وسلم معاذ – رضی الله عنه- إلى الیمن أخبره عن حال المدعوین الذین سیوجه لهم الدعوه , وأنهم أهل کتاب فیقول الحافظ ابن حجر رحمه الله مبیناً حکمه ذلک ( هی کالتوطئه للوصیه لتستجمع همته علیها لکون أهل الکتاب أهل علم فی الجمله , فلا تکون العنایه فی مخاطبتهم کمخاطبه الجهال من عبده الأوثان ) .
وأمره أن یعرض الدعوه علیهم بالتدرج ؛لأنه لو طالبهم بالجمیع فی أول مره لم یؤمن النفره (۸)، ولما لهم من مکانه بین سائر المدعوین فقد أمر الله بدعوتهم بالرفق واللین والمجادله بالتی هی أحسن کما قال تعالى : {وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ } ] سوره النحل : ۱۲۵[.
فالداعی قبل أن یبدأ بدعوته علیه أن یسأل عن حال المدعو هل هو من الحیارى الذین یحترمون الدین ویقدسون الرب , ولکن لا تزال لدیهم شبهات وشهوات , أو هل هذا المدعو قسیس یتطلب له طالب علم له درایه بالکتاب والسنه وبدین النصارى وجوانب الانحراف والاختلاف والاتفاق وکیف یناقش هذا المدعو ویقیم علیه الحجه (۹) وإن معرفه الداعی لأحوال المدعوین یقتضی منه أن ینزلهم منازلهم فإن ذلک من الأمور الهامه التی یجب على الداعی أن یراعیها ویتنبه إلیها ویحرص على تطبیقها وتنفیذها مع المدعوین , ویعاملهم بناء على أقدارهم ویخاطبهم على قدر عقولهم وأفهامهم لتألیف قلوبهم وجذب نفوسهم إلى الإسلام (۱۰) .
وقد کان النبی – صلى الله علیه وسلم – یراعی أحوال المدعوین وینزلهم منازلهم ویتمثل ذلک فی إرساله للرسل والکتب إلى کسرى (۱۱) وقیصر (۱۲) والنجاشی (۱۳) یدعوهم إلى الإسلام کما ذکر البخاری فی صحیحه عن ابن عباس رضی الله عنه إلى قیصر: ( من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظیم الروم ) ، کذلک جاء فی کتابه – صلى الله علیه وسلم – إلى المقوقس : (من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظیم القبط) (۱۴). فهذا مما یدل على حرص النبی – صلى الله علیه وسلم – على إنزال الناس منازلهم مراعاه لأقدارهم لتألیفهم إلى الدین الإسلامی(۱۵).
فهذه من أسالیب الحکمه فی الدعوه التی ینبغی للداعی أن یراعیها .
الموعظه الحسنه : للموعظه الحسنه أهمیه بالغه فی الدعوه إلى الله تعالى , فقد أمر الله تعالى بها فی کتابه الکریم , وحث علیها , فقال تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِیلِ رَبِّکَ بِالْحِکْمَهِ وَالْمَوْعِظَهِ الْحَسَنَهِ } ]سوره النحل: ۱۲۵[. وذلک لما للموعظه من تأثیر بالغ فی النفوس (۱۶) .
والدعوه إلى الله بالموعظه الحسنه تکون بأسلوبی الترغیب والترهیب .
والترغیب : هو کل ما یرغب المدعو للإذعان , وقبول الدعوه , والثبات مع الحق , وهو الحث على فعل الطاعات وتأدیه الواجبات.
والأصل فی الترغیب: أن یکون فی طلب مرضاه الله ومغفرته, وجزیل أجره فی الدارین .
والترهیب : هو کل ما یخیف المدعو من عدم الثبات على الحق والإذعان له , وعدم اتباع أوامر الله .
والأصل فی الترهیب : یکون بالتخویف من عاقبه السیئات لأنها مجلبه لغضب الله .
ویکون الترغیب بعده أسالیب منها :
الوعد بالثواب العاجل فی الدنیا , والمؤجل فی الآخره کما قال تعالى : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْکِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَکَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَیِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِیمِ} ] سوره المائده: ۶۵[ . , وقال تعالى : {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاهَ وَالإِنجِیلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَیهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأکَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم }] سوره المائده: ۶۶[ .
وهذا الأسلوب تمثل فی دعوه النبی – صلى الله علیه وسلم – للنصارى وغیرهم , وذلک حینما کتب کتاباً للمقوقس ملک مصر قال فیه علیه الصلاه والسلام : (أسلم تسلم یؤتک الله أجرک مرتین)(۱۹) .
ومن الأسالیب – أیضاً – التی ترغب فی الدخول فی الإسلام تذکیرهم بنعم الله علیهم , وقد خاطبهم الله تعالى بذلک فقال جل وعلا : {یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اذْکُرُواْ نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْکُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِی أُوفِ بِعَهْدِکُمْ..} وقوله تعالى : {یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اذْکُرُواْ نِعْمَتِیَ الَّتِی أَنْعَمْتُ عَلَیْکُمْ وَأَنِّی فَضَّلْتُکُمْ عَلَى الْعَالَمِینَ} ] سوره البقره: ۴۰, ۴۷[.
وهکذا ینبغی للداعی أن یستفید من منهج القرآن الکریم والسنه المطهره للترغیب النصارى فی الإسلام لعلهم یفرحون ویستبشرون بهذا الأجر, فیکون ذلک حافزاً ودافعاً لدخولهم الإسلام وإن لم یثمر معهم هذا الأسلوب فعلى الداعی أن ینتقل بحکمته إلى أسلوب الترهیب والتخویف وهذا منهج القرآن الکریم مع النصارى وغیرهم .
فقد أنّبهم على عدم إسلامهم ووبخهم فقال تعالى : {یَا أَهْلَ الْکِتَابِ لِمَ تَکْفُرُونَ بِآیَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ}] سوره آل عمران: ۷۰[ , ثم هددهم وحذرهم من شده عذابه فقال سبحانه : {یَا أَیُّهَا الَّذِینَ أُوتُواْ الْکِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَکُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ کَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَکَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً} ] سوره النساء: ۴۷[ .
وقد خاطب الله سبحانه النصارى مهدداً لهم على لسان عیسى – علیه السلام – فقال :{ لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ وَقَالَ الْمَسِیحُ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّی وَرَبَّکُمْ إِنَّهُ مَن یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَیهِ الْجَنَّهَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنصَارٍ} ] سوره المائده: ۷۲[ .
وقال تعالى : {یَا أَهْلَ الْکِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِی دِینِکُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِیحُ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ رَسُولُ اللّهِ وَکَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْیَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَهٌ انتَهُواْ خَیْرًا لَّکُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن یَکُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِی السَّمَاوَات وَمَا فِی الأَرْضِ وَکَفَى بِاللّهِ وَکِیلاً} ] سوره النساء: ۱۷۱[ .
وقد استعمل النبی – صلى الله علیه وسلم – أسلوب الترهیب معهم فقال – صلى الله علیه وسلم – : (والذی نفس محمد بیده لا یسمع بی أحد من هذه الأمه یهودی ولا نصرانی , ثم یموت ولم یؤمن بالذی أرسلت به إلا کان من أصحاب النار) (سبق تخریجه صفحه :۱).
إذاً فالموعظه الحسنه من الأسالیب الجیده فی التأثیر على النصارى العرب وغیرهم , فلابد للداعی أن یستفید منها فی تبلیغ دعوته .
ومن وسائل الترغیب والترهیب -أیضاً- ما یعرض لهم من الأمثله والشواهد التاریخیه التی جرت فیها سنه الله فی الثواب والعقاب , ویذکر لهم قصص الأمم السابقه , وما جرى لهم أو علیهم , کقصص بنی إسرائیل مع رسلهم , وما جرى للذین آمنوا بهم من نصره الله لهم وما جرى على الذین کفروا وکذبوا رسلهم , وأجرموا , وأفسدوا فی الأرض من عذاب مهلک لهم , ومن تدمیر لمساکنهم وبلدانهم وممتلکاتهم (۲۰).
ویرغبهم بما یعرض علیهم من مشاهد یوم القیامه بما فیها من جنات ونعیم لمن أسلم وحسن إسلامه , ویرهبهم بذکر ما فیها من عذاب شدید للذین أنکروا وکفروا برساله محمد – صلى الله علیه وسلم – .
فعلى الداعی أن یستفید من هذا الأسلوب لاسیما وأن القرآن الکریم ملیء بالآیات التی تخاطب النصارى فی هذا الشأن .
وعلى الداعی أن یراعی الحکمه فی استخدام أسلوب الموعظه , بأن تکون هذه الموعظه موافقه لکتاب الله وسنه نبیه – صلى الله علیه وسلم – , فتکون موعظه حسنه فی موضوعها وأسلوبها وطریقه عرضها , وتکون موعظه بلیغه مؤثره کما روى العرباض بن ساریه عن رسول الله – صلى الله علیه وسلم – قال : (وعظنا رسول الله – صلى الله علیه وسلم – موعظه بلیغه , وجلت منها القلوب , وذرفت منها الدموع ….) “المستدرک على الصحیحین ,کتاب العلم , رقم ۳۹۲(۱۱۷۴)’ فالموعظه البلیغه هی التی تؤثر فی القلوب .
و على الداعی أن یتحین الوقت المناسب , ویقتصد فی الموعظه ویجتنب الإطاله کی لا ینفروا , وقد کان النبی – صلى الله علیه وسلم – یتخول أصحابه بالموعظه(۲۱), فکثره المواعظ ممله تضعف تأثیرها فی القلوب .
المجادله بالتی هی أحسن:
إن لم تنفع الموعظه الحسنه , ولم تؤثر فی المدعو وترده إلى الحق , قد یکون لدیه شبهه وشک یحتاج إلى تجلیه وإیضاح وتفنید بالجدال والنقاش والحوار , قال تعالى { وَجَادِلْهُم بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ {.]سوره النحل: [۱۲۵
والجدال هو أحد الطرق المستخدمه فی الدعوه إلى الله لإقناع المدعو, وإزاله الشبهه , وإقامه الحجج والبراهین على صحه الدعوه , وبطلان ماسواها وهو لا یکون إلا عند الحاجه , کوجود المعارض بالشبهه والصاد بالباطل عن سبیل الله , أما الحکمه والموعظه الحسنه فمشروعیتها قائمه دائمه (۲۲) .
والجدل فی اللغه : هی مقابله الحجه بالحجه , والمجادله : المخاصمه والمناظره (۲۳) .
والمجادله بالتی هی أحسن هی المناظره التی یبتغى فیها الوصول إلى الحق بطریق صحیح (۲۴) .
والمناظره مشروعه بالکتاب والسنه, ففی القرآن الکریم ذکر لبعض مناظرات الأنبیاء مع أقوامهم , کنوح وإبراهیم وموسى ومحمد علیهم الصلاه والسلام , وکذلک الثناء من الله على من أوتی الحجه واستطاع افحام قومه کما قال الله عز وجل عن إبراهیم – علیه السلام – {وَتِلْکَ حُجَّتُنَا آتَیْنَاهَا إِبْرَاهِیمَ … } ] سوره الأنعام: ۸۳].
وفی السنه النبویه ثبت عن النبی – صلى الله علیه وسلم – أنه ناظر وفد من نصارى نجران بالقرآن الکریم , فأفحمهم ثم عرض علیهم من الآیات التی تتضمن ردود مقنعه عن هذه التساؤلات حول عیسى – علیه السلام -, وتفنید لشبههم عن الإسلام , ودفع لحججهم الباطله , مما جعل أبا حارثه وهو أغزر نصارى نجران علماً یسّر إلى أحد رفاقه بقناعته بالذی دعاهم إلیه محمد علیه السلام (۲۵) .
قال ابن القیم – رحمه الله- فی فقه قصه وفد نجران: (وفیها جواز مجادله أهل الکتاب ومناظرتهم بل استحباب ذلک بل وجوبه إذا اضطرت مصلحه من إسلام من یرجى إسلامه منهم وإقامه الحجج علیهم )(۲۶).
وللمناظره والمجادله ضوابط وآداب لابد أن یراعیها الداعی منها :
۱/ أن یکون الموضوع مما یجوز أن تجری المناظره فیه شرعاً وعقلاً, فلا تجوز المجادله فی ذات الله تعالى , وأسمائه وصفاته ولا یجوز الجدال فی آیات الله وضرب بعضها ببعض , ولا فیما غیّبت عنا ولیس لنا سبیل إلى معرفته والعلم به .
۲/ تقدیم النقل ونصوصه على العقل وظنونه .
۳/ أن یکون الموضوع المتجادل فیه معلوماً ومحدداً لدى المتجادلین فلا ینبغی الجدال فیما یُجهل أو ما کان متشعباً غیر محدداً .
۴/ أن یکون الهدف من المناظره إظهار الحق ودفع الباطل .
ولابد أن یکون لدى الداعی إطلاع على کتب النصارى ومعرفه أفکارهم ومعتقداتهم , لیقف على ما عندهم من شبه وأفکار ومعتقدات , فیفندها ویبطلها بما لدیه من حجج وبراهین ثابته بأسلوب المجادله بالحسنى .
وعلیه أن یتحلى بالأخلاق الإسلامیه العالیه أثناء الجدال من القول المهذب واحترام الآخرین , وعدم الطعن فی الأشخاص أو لمزهم والاستهزاء بهم , ولا یبادر إلى مهاجمه أتباع الدیانات والعقائد فی بدایه الأمر , ویتجنب تخطئه المناقش وتسفیه آرائه لأول وهله , ولیکن متلطفاً لیناً رقیقاً فی الخطاب , فالجدال مشروط بأن یکون بالتی هی أحسن(۲۷) .
قال الحافظ ابن کثیر رحمه الله : ( أی من احتاج منهم إلى مناظره وجدال فلیکن بالوجه الحسن برفق ولین وحسن خطاب ) (۲۸) .
وعلى الداعی أن یرکز على القضایا التی اهتم بها القرآن الکریم فی دعوه النصارى فمنها على سبیل المثال :
إقامه الأدله لأهل الکتاب على صدق النبی – صلى الله علیه وسلم -.
وتشتمل على مایلی :
۱/ تنبیههم إلى ما یجدونه فی کتبهم من صفه النبی – صلى الله علیه وسلم – وأن علمائهم یعرفون أمره معرفه تامه . کما یعرف أحدهم ولده قال تعالى : {الَّذِینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الأُمِّیَّ الَّذِی یَجِدُونَهُ مَکْتُوبًا عِندَهُمْ فِی التَّوْرَاهِ وَالإِنْجِیلِ } ] سوره الأعراف: [۱۵۷ , وقوله تعالى : {الَّذِینَ آتَیْنَاهُمُ الْکِتَابَ یَعْرِفُونَهُ کَمَا یَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ } ] سوره البقره: [۱۴۶, وقال تعالى : {أَوَلَمْ یَکُن لَّهُمْ آیَهً أَن یَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِی إِسْرَائِیلَ} ]سوره الشعراء: [۱۹۷ .
۲/ تنبیههم إلى أن محمد – صلى الله علیه وسلم – الذی یدعوهم إلى الإسلام إنما هو الذی بشر به عیسى ابن مریم – علیه السلام – جاء ذلک واضحاً فی قوله تعالى : {وَإِذْ قَالَ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ یَا بَنِی إِسْرَائِیلَ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْکُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیَّ مِنَ التَّوْرَاهِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ یَأْتِی مِن بَعْدِی اسْمُهُ أَحْمَدُ } ] سوره الصف:۶ [ .
۳/ إخبارهم بان القرآن الکریم وهو المعجزه العظمى لمحمد – صلى الله علیه وسلم – مصدق لما سبقه من الکتب السماویه , ومهیمن علیها قال تعالى : {وَأَنزَلْنَا إِلَیْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتَابِ } ] سوره المائده: [۴۸.
۴/ إقامه الحجه علیهم من طرق الاستشهاد بمؤمنی أهل الکتاب , وتصدیقهم ما جاء به الرسول – صلى الله علیه وسلم -, وشهادتهم أن ما أنزل علیه هو الحق کما جاء ذلک فی قوله تعالى : {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْکِتَابِ لَمَن یُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَیْکُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَیْهِمْ} ] سوره آل عمران: [۱۹۹.
دعوتهم وإرشادهم إلى أن دعوه محمد – صلى الله علیه وسلم – موافقه فی الأصول إلى ما دعا إلیه الأنبیاء السابقین کما قال تعالى :{شَرَعَ لَکُم مِّنَ الدِّینِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِی أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ وَمَا وَصَّیْنَا بِهِ إِبْرَاهِیمَ وَمُوسَى وَعِیسَى } ]سوره الشورى: [۱۳ .
۵/ قطع الحجه علیهم بإرسال خاتم الرسل إلیهم بشیراً ولا نذیراً قال تعالى: {یَا أَهْلَ الْکِتَابِ قَدْ جَاءکُمْ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَکُمْ عَلَى فَتْرَهٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِیرٍ وَلاَ نَذِیرٍ فَقَدْ جَاءکُم بَشِیرٌ وَنَذِیرٌ وَاللّهُ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ} ] سوره المائده: [۱۹
وبهذه المواجهه الحاسمه لا تعود لهم حجه من الحجج فی أن محمداً – صلى الله علیه وسلم – لم یرسل إلیهم(۲۹) .
فالمناظره مع النصارى کانت ولا تزال من أبرز المناظرات التی تحدث فی مجال الدعوه , إما دفعاً لشبهه یثیرونها على الإسلام ونبیه – علیه السلام – أو إظهاراً لفساد قول عندهم مما حرفوه , وأدخلوه على دین المسیح کالقول بألوهیته وصلبه وغیر ذلک وهی أفضل أشکال الحوار المطلوب فی هذا العصر(۳۰) .
إذا فالدعوه إلى الله سبحانه بالحکمه والموعظه الحسنه والمجادله بالتی هی أحسن , من أفضل الأسالیب فی الدعوه إلى الله لاسیما مع النصارى العرب لکونهم من أهل الکتاب , ولدیهم علم وخبر لکنه محرف , خلافاً لأهل الدیانات الأخرى من الجهال وعبده الأوثان .
ثم إن لغتهم العربیه تسهل الطرق لدعوتهم وجدالهم ؛ لأن القرآن نزل باللسان العربی وفیه جمیع الحجج والبراهین التی تصحح أفکارهم ومعتقداتهم وتزیل شبههم , وشکوکهم , وتجیب على تساؤلاتهم .
وهذه الأسالیب تفتقر إلى وسائل ملائمه لإیصالها للمدعو لینتفع بها.
جزاکم الله خیرا هذه رساله عظیمه شامله و کامله و استفد منها استفاده عظیمه اعزکم الله تعالی فی الدنیا والاخره