المقالات

التکفیر خطره و ضوابطه

التکفیر خطره وضوابطه

بقلم: حسن قاطرجی


الحمد لله الذی منّ علینا بالإیمان, والصلاه والسلام على أفضل إنسان, وعلى
آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه على دین الإسلام.


إن أعظم نعمه أنعمها الله سبحانه وتعالى على الإنسان هی نعمه الإیمان به عز
وجل ونعمه اتباع دینه العظیم الإسلام, فالله سبحانه وتعالى یقول:
بَلِ
الَّلهُ یمُنّ عَلَیکُم أَن هَدَاکم للإیمانِ إن کُنتُم صَادِقِین
.
فهو سبحانه وتعالى صاحب المِنه علینا جمیعاً أن هدانا للإیمان … وأن هدانا
لاتّباع دین الإسلام.


وقد جرت العاده عند الناس أنّ غلاء الشیء عندهم یستدعی منهم المبالغه فی
المحافظه علیه, وهذه النعمه ـ نعمه الإیمان بالله تعالى ـ التی لا تعدلها أیُّ
نعمه على الإطلاق تستدعی منّا أنْ نحرص على المحافظه علیها وتقویتها بکل أسباب قوتها: مثل ذکر الله سبحانه وتعالى
وتلاوه القرآن الکریم والدعاء الخالص والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وفعل
الخیرات .. وأهم من ذلک أن نحفظ هذا الإیمان من النواقض التی تنقضه وتهدمه.


ولکن معرفه ما ینقُضُ الإیمان ـ أی ما یتسبب بکفر الإنسان المؤمن وخروجه عن
مله الإسلام ـ سلاح له حدّان: حَدٌّ نافع, وحدٌّ خطیر جارح.


أما الحد النافع فهو یکمن فی التعرُّف على ما یقتضی کفر المسلم وردته ـ
والعیاذ بالله ـ فیساعده ذلک على تجنُّب الکفر ونواقض الإیمان. وکلُّ إنسان مسلم
مطالب دائماً بالمحافظه على إیمانه, إذ الإیمان هو الأول الأول والرکن المتین
ویلیه ثانیاً العمل الصالح.


أما حده الآخر وهو الحد الجارح الخطیر فإنه یکمن فی التسرُّع بتکفیر
المسلمین مع ما فیه من خطوره کبیره على دین المتسرع وعلى دین المُکفَّر, ومن هنا
یجب أن نتثبَّتَ ونحتاط غایه الاحتیاط فی هذا الأمر فلا نتسرع بتکفیر المسلم, لأن
الأصل فی المسلم بقاؤه على الإسلام ولا نخرج عن هذا الأصل إلا بدلیل ثابت قاطع کما
قرّر أهل العلم الثقات.

مخاطر التسرع بالتکفیر فی الجانبین الدینی
والاجتماعی


إن التسرع بالتکفیر وعدم التثبُّت وترک الاحتیاط فیه له مخاطر کبیره تظهر
فی جانبین:

۱. الجانب
الدینی.

۲. والجانب
الاجتماعی.


أما الجانب الدینی فإن المتسرع بالتکفیر هو على خطر عظیم… على خطر أن یقع
هو فی الکفر, فقد صح عن النبی
فی روایات متقاربه الألفاظ فی الصحیحَیْن
وغیرهما أنه علیه الصلاه والسلام قال:”من قال لأخیه یا کافر فقد باء بها
أحدهما, فإن کان کما قال وإلا حارَتْ علیه” ـ أی رَجَعتْ علیه وحقّتْ علیه
صفه الکفرـ ومن هنا نجد أن المکَفَِّر هو على خطر أن یقع هو فی الکفر إن لم یُصب
الحقیقه. فعلیه ـ إذن ـ أن یتثبَّتَ ویحتاط فی تکفیر المسلم ولا یتسرع بذلک حتى
تقوم الحُجّه الیقینیه والبرهان القاطع على کفره ورِدَّته.


أما بالنسبه للمکفَّر… فإنه من المعروف أن الحکم على المسلم بالرده یترتب
علیه کثیر من الأحکام فی الدنیا والآخره. أما فی الدنیا فقد روى الإمام البخاری عن
النبی
أنه قال:” من بدّل دینه فاقتلوه” وقیس
على تبدیل الدین کلُّ ما یُخْرِجُ المسلمَ من دین الإسلام لأنه بذلک یکون قد انتقل
من دین الإسلام إلى دین الکفر. فالحکم الأول أنه یُهدَر دمُه, أی یجب قتله إن لم
یتُبْ, وقد اختلف أهل العلم فی وجوب استتابته قبل قَتْله: هل تجب أم هی مستحبه
فقط؟! على قولین. هذا أمر وأمر آخر أنه یصیر عقد زواجه فی خطر, فعند الحنفیه
تَبینُ منه زوجتُه برِدَّته. أما عند الشافعیه فیحرم على زوجته تمکینُه منها ویجب
علیها أن تحتجب عنه ولکن نتوقف فی الحکم على عقد زواجه فسخاً أو إمضاءً, بمعنى
أننا نتوقف فی الحکم على بقائها فی عصمته حتى نتبیّن: فإنْ رجع إلى الإسلام قبل
انقضاء عِدّتها فإنها تحل له ولا حاجه لتجدید العقد, وأما إنْ قضَتْ عدّتها ولم
یعُد إلى الإسلام فإنه یُحکم على عقد الزواج بالانفساخ من حین وقوع الرِدّه. وأمرٌ
ثالث أن المرتد لا یرث من أهله المسلمین, ولا یرثه أهله المسلمون. وأمرٌ رابع هو
أنّ الرده موجبه لحبوط العمل, فقد قال ربنا سبحانه وتعالى:

ومَنْ یرتَدِدْ مِنکُم عن دِِِینهِ فَیَمُتْ وهو کافِرٌ فأوُلَئِک حَبِطَتْ
أعمالُهُم فی الدنیا والآخره وأولئک أصحاب النار هُم فیها خالدون
.


فالرده إن اتصلت بالموت ـ أی مات المرتد على رِدّته ـ تُحبِط جمیع أعماله
الصالحه التی أدّاها حال حیاته لقوله سبحانه وتعالى:
وقدِمنا
إلى ما عمِلوا من عَمَلٍ فجعلناه هباءً منثورا
,
وأما إذا ارتد ثم عاد إلى الإسلام فإن الأعمال الصالحه التی أدّاها یَحبُطُ ثوابها
فقط عند الشافعیه وغیرهم. وعند الحنفیه: الرده حتى وإن لم تتصل بالموت تُحْبِط
الثواب ویَبْطُل بها العمل أصلاً. لذلک أفتى الساده الحنفیه أنه إن عاد من ارتدّ
إلى الإسلام وکان قد أدّى فریضه الحج ـ مثلاً ـ فعلیه أن یُعید هذه الفریضه.

و
أمرخامس وسادس وسابع وثامن أن المرتد إذا مات لا تجوز الصلاه علیه ولا یُغسَّل ولا
یُکفَّن ولا یُدفن فی مقابر المسلمین, وأمر تاسع أن المرتد مخلد فی النار ـ کما فی
صریح الآیه التی ذکرتُها قبل قلیل ـ أجارنا الله تعالى منها.


هذه الأحکام وأحکام أخرى لا یتسع المقام لتفصیلها تدل على خطوره تکفیر المسلم. فیجب إدراک خطوره هذا الأمر
والتعرف على الأسباب التی تقتضی التکفیر مع وجوب تحرِّی ضوابط إطلاقه على من
تلبَّس بسبب من تلک الأسباب.

هذا بالنسبه لمخاطر التکفیر فی الجانب
الدینی. أما بالنسبه لمخاطره فی الجانب الاجتماعی فإنها ترتدّ بلا شک بآثار کبیره
على واقع المسلمین الاجتماعی, وذلک للأسباب التالیه: أولها أن التسرّع فی التکفیر
من شأنه أن یمزق المجتمع المسلم, ومن شأنه کذلک أن یُغذِّی الفُرقه والشَّحناء بین
المسلمین بل ربما أدى إلى إهدار المسلمین دماءَ بعضِهم بعضاً, وکل ذلک مخالف
لأوامر الله تعالى وتعالیم نبینا محمد
, فقد قال الله عز وجل:واعتصموا
بحبل الله جمیعاً ولا تفرقوا
, إنما المؤمنون إخوه,
إن الذین فرّقوا دینهم وکانوا شِیَعاً لست منهم فی شیئ.

ومعلوم من الدین بالضروره أن المسلمین إخوه
فی الدین. وهذا یوجب علیهم التراحم والتعاون والتعاضُد والتوادُد, والأصل الطبیعی
فی المسلمین أن یکونوا کما قال الله تعالى:
أشدّاءُ
على الکفار رحماءُ بینهم
.


فالله عز وجلّ یُحبّ أن یکون المسلمون فیما بینهم رحماءَ متعاضدین متعاطفین
متراحمین, وفی المقابل أن یکونوا أشداء على الکفار أعدائه سبحانه وتعالى, أما إذا
انقلبت المعادله فإن ذلک یُنبئ عن شذوذ فی الفکر وانحراف فی النفس وزَیغ عن هَدْی
النبی
والصحابه رضی الله عنهم. بمعنى أنه إذا صار
المؤمنون یتراحمون مع أعدائهم ویتملَّقون لهم وهم فیما بینهم أشدّاء متباغضون فإن
ذلک أمرٌ خطیر وهو النفاق بعینه والتولِّی لهم والله عزّ وجلّ یقول: ﴿ ومن یتولّهم
منکم فهو منهم﴾.

والخطوره الثانیه هی تأجیج التعصُّب للأهواء
بین المسلمین, والأصل فی التعصب أن یکون للصواب وللدلیل الشرعی, بینما التسرع فی
التکفیر یجعل من المسلمین فِرَقاً ومِزَقاً تتنازع فیما بینها ویکون ولاء کل فِرقه
لشخص یقدسونه أولآراء یمجِّدونها أو لاجتهادات لا یخرجون عنها, فیتحول التعصب بذلک
من التعصب للدلیل الشرعی إلى التعصب للاجتهادات البشریه, ومن هذا القبیل ما ورد فی
کتاب “مناقب الشافعی وآدابه” للإمام الحافظ ابن أبی حاتم الرازی رحمه
الله تعالى بسنده عن أحد أصحاب الإمام الشافعی رحمه الله قال:” کان الشافعی
ینهى النهیَ الشدید عن الکلام ـ أی عن علم الکلام ـ وکان یقول: أحدهم إذا خالفه
صاحبه یقول: کفرت! والعلم إنما یُقال فیه: أخطأت, لا کفرت”.


فلا یقال ـ إذن ـ فی مسائل العلم وفی النقاش الموضوعی بین المسلمین کفرت, لمن
خالف رأی الآخر فالعلم فیه خطأ والصواب, والکفر لا یُوَجَّه إلا لمن اختار الکفر
دیناً أو وقع فی مکفِّر مجمَعٍ علیه أو جَحَد معلوماً من الدین بالضروره أو أنکر
ما هو مجمع على کونه محرَّماً أو على کونه واجباً. ثم إن غلوَّ التعصّب للأهواء فی
المجتمع المسلم یحرف المسلمین عن الجادّه ویحوّل تعصُّبَهم من التعصُّب المشروع
إلى التعصُّب المذموم.

أما الخطوره الثالثه ـ وهی ربما تکون أخطر
الجوانب ـ هی حرف وِجهْه المسلمین عن الخط الطبیعی الأصیل فی توظیف طاقاتهم ووِجْهه
جهودهم, بمعنى استنفاد جهودهم فی غیر المعرکه الطبیعیه.

إذ الأصل أن تُُستنفد الجهود فی نشر الدعوه
والعمل الصالح والنافع وفی تجمیع الصفوف وفی البناء الشامل للمجتمع المسلم فی کل
میادینه ومجالاته وفی إداره الصراع مع الأعداء, ولکن نتیجه هذه المسأله الخطیره ما
نرى فی واقعنا, فها هی وجهه المسلمین تنحرف عن الخط الذی أوجبه علینا رُّبنا
سبحانه وتعالى ـ حیث أوجب علینا أن نکون متآخین وأن یکون عَداؤنا موجَّهاً لأعدائه
الحاقدین على دینه وأن نخوض الصراع جنوداً للإسلام فی معرکته مع الجاهلیه ـ لتتحول
المعرکه إلى معارک بین المسلمین .. بین فئاتهم ومذاهبهم وهذا الأمر خطیر للغایه
وإننا نرى آثاره السیئه ونتذوَّق علقمَه المُرّ.

کل تلک الجوانب ـ الدینیه منها والاجتماعیه
ـ تکشف لنا عن خطوره استعمال هذا السلاح فی غیر محله, کما تکشف عن مدى أهمیه الوعی
لهذا الموضوع وضروره التعرف على ضوابط التکفیر.

ولکن قبل الانتقال إلى الکلام على ضوابط
التکفیر أعزِّز بیان خطوره التسرّع فی التکفیر بنُقُول عن بعض أئمه أهل العلم تدل
على ذلک, وعلى خطوره التعرُّض لدم المسلم وعرضه, وأبدأ بکلمه نفیسه غالیه منقوله
فی کتاب ((الطبقات الکبرى))۱۳:۱ للشَّعرانی وفی الکتاب النفیس للعلاّمه جعفر بن
إدریس الکَتّانی ((الدواهی المَدْهیّه فی الفِرَق المحمیّه)): عن الإمام المجتهد
الجِهْبِذ تقیِّ الدین السُّبکی رحمه الله وهو من أئمه القرن الثامن للهجره, فقد
سُئِل عن حکم تکفیر المبتدعه وأهل الأهواء فقال: (اعلم أیها السائل أن کل من خاف
الله عزّ وجل استعظم القولَ بالتکفیر لمن یقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله, إذ
التکفیر هائل عظیمُ الخطر, لأن من کفّر شخصاً بعینه فکأنما أخبر أن مصیره فی
الآخره جهنمُ خالداً فیها أبد الآبدین, وأنه فی الدنیا مباح الدم والمال, لا
یُمکَّن من نکاح مسلمه ولا تجری علیه أحکام المسلمین, لا فی حیاته ولا بعد مماته, والخطأ
فی ترک ألف کافر أهونُ من الخطأ فی سفک مِحْجَمَه من دم امرئ مسلم, وفی الحدیث: ((لأَنْ
یُخطئ الإمام فی العفو أحب إلیّ من أن یخطئ فی العقوبه)). ثم إن تلک المسائل التی
یُفتى فیها بتکفیر هؤلاء القوم فی غایه الدقه والغموض, لکثره شُبهها واختلاف
قرائنها وتفاوت دواعیها.

والاستقصاء فی معرفه الخطأ من سائر صنوف
وجوهه, والاطلاع على حقائق التأویل وشرائطه, ومعرفه الألفاظ المحتمله للتأویل وغیر
المحتمله: یستدعی معرفه جمیع طرق أهل اللسان من سائر قبائل العرب فی حقائقها
ومجازاتها واستعاراتها, ومعرفه دقائق التوحید وغوامضه, إلى غیر ذلک مما هو متعذّر
جداً على أکابر علماء عصرنا فضلاً عن غیرهم. وإذا کان الإنسان یَعجِز عن تحریر
معتقده فی عباره, فکیف یحرر اعتقاد غیره من عبارته؟! فما بقی الحکم بالتکفیر إلا
لمن صرح بالکفر واختاره دیناً وجحد الشهادتین وخرج عن دین الإسلام جمله, وهذا نادر
وقوعه, فالأدب الوقوف عن تکفیر أهل الأهواء والبدع). اهـ . فهذا کلامه فی أهل
البدع فماذا یکون کلامه فی أهل السنه وبالأخص المعروفین منهم بالصلاح والتقوى
والعمل للإسلام والجهاد فی سبیله؟!

ثم أُثنِّی بکلمه لإمامٍ قبله ـ من علماء
القرن الخامس الهجری ـ هو حُجّه الإسلام أبو حامد الغزالی ـ رحمه الله تعالى ـ
ذکرها فی آخر کتابه ((الاقتصاد فی الاعتقاد)) وفی کتابه ((فَیْصل التفرقه بین
الإسلام والزندقه)) قال فیها: (والذی ینبغی أن یمیلَ المحصِّل إلیه: الاحترازُ من
التکفیر ما وُجد إلیه سبیلاً, فإن استباحه الأموال والدماء من المصلین إلى
القِبْله, المصرحین بقول “لا إله إلا الله محمد رسول الله” خطأ, والخطأ
فی ترک تکفیر ألف کافر فی الحیاه أهون من الخطأ فی سفک مِحْجَمه من دم امرئ مسلم, وقد
قال
 : ۷أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى یقولوا: لا إله إلا الله محمد
رسول الله, فإذا قالوها فقد عصموا منی دماءَهم وأموالهم إلا بحقّها)) ).

وأثلِّث بکلمه للقاضی الیمنی محمد بن علی
الشوکانی ـ من علماء القرن الثالث عشر الهجری ـ فی کتابه ((السیل الجرّار)) ۵۷۸:۴,
یقول فیها: (اعلم أن الحکم على الرجل المسلم بخروجه عن دین الإسلام ودخوله فی
الکفر لا ینبغی لمسلم یؤمن بالله والیوم الآخر أن یُقْدِم علیه إلا ببرهانٍ أوضحَ
من شمس النهار, فإنه قد ثبت فی الأحادیث الصحیحه المرویه من طریق جماعه من الصحابه
أن من قال لأخیه: یاکافر, فقد باء بها أحدهما…) ثم أورد هنا عدداً من الأحادیث, ثم
قال: (ففی هذه الأحادیث وما ورد مَْورِدَها أعظم زاجر وأکبر واعظ عن التسرع فی
التکفیر).

وأخیراً أختم هذه الکلمات بکلمه للإمام
الفقیه الشافعی العلاّمه ابن حَجَر الهَیْتَمی من علماء القرن العاشر الهجری ـ
رحمه الله ـ فی کتابه ((تحفه المحتاج فی شرح المنهاج)) ۸۸:۹ یقول فیها: (ینبغی
للمفتی أن یحتاط فی التکفیر ما أمکنه لعظیم أثره وغلبه عدم قصده سیما من العوامّ, ولا
زال أئمتنا ـ یعنی الشافعیه ـ على ذلک قدیماً وحدیثاً) ثم نقل عن الإمام الزرکشی ـ
من علماء القرن الثامن الهجری ـ قوله: (فلیَتَنَبّه لهذا ولْیَحذر من یبادر إلى
التکفیر… فیُخاف علیه أن یَکْفُرَ هو لأنه کفّر مسلماً).

هذه کلمات قلیله من کثره مبثوثه فی کتب
العقیده والفقه لأئمهٍ کبار ـ رحمه الله علیهم ـ تؤکد على الحقیقه التی قدّمتُها
وهی أن التکفیر أمر خطیر ینبغی أن یُحتاط فیه وأن یتثبَّت المسلم منه ولا یتسرع فی
تکفیر الآخرین.

وعوداً إلى ضوابط التکفیر فالحقیقه أنی
اعتنیتُ بتتبُّعها منذ زمن بعید, وقرأت کثیراً من أبواب الرده فی الکتب الفقهیه, ولاحظتُ
أن أهل العلم فی هذا الباب یحتاطون کثیراً ویراعون عده ضوابط فی أحکامهم بالتکفیر.


وقد استهدیت فی ذلک إلى بعض الضوابط وجمعتُها وهی سته:

الضابط الأول: التثبُّت فی نسبه الکفر إلى
المسلم.

الضابط الثانی: لازم المذهب لیس بمذهب, أو
التفریق بین الکفر الصریح والکفر الاستلزامی.

الضابط الثالث: القصد والاختیار فیما یحتمل
وجوهاً عده من التأویل.

الضابط الرابع: انتفاء الإکراه.

الضابط الخامس: ملاحظه ما إذا کان الکلام
یحتمل غیر الکفر ولو على وجه ضعیف.

والضابط الأخیر: التفریق بین تکفیر المقاله
وتکفیر القائل, أو بتعبیر آخر التفریق بین تکفیر النوع وبین تکفیر الشخص بعینه (فیما
یُعذر المسلم بجهله أو فیما یشتبه علیه دلیلُه).

وسأتناول هذه الضوابط بالبیان والشرح ضابطاً
ضابطاً, أبیّنها وأشرح معناها وأستدلّ بأقوال العلماء علیها, مستعیناً بالله
سبحانه وتعالى وسائلاً إیاه جلّ جلاله أن یهدینی إلى الصواب ویعصمنی من الزلل فی
هذا الموضوع.


أما الضابط الأول: فهو التثبُّت فی نسبه الکفر إلى المسلم, حیث ینبغی قبل
التسرع فی تکفیر المسلم التثبُّت والتحقق فیما یُنقل عنه من قول أو فعل أو اعتقاد
یقتضی تکفیره, وینبغی أن یتأکد المنقولُ إلیه من أمانه الناقل, ودینه, وورعه, وصدقه..
وأن یُراعی ـ کما نبه علیه الإمام تاج الدین السبکی ـ احتمال العداوه بین الناقل
والمنقول عنه, أو ما إذا کان یوجد هناک نوع حساسیه أو اختلاف فی المشرب العلمی
بینهما, أو اختلاف فی المذاهب, أو اختلاف فی الاجتهاد الفقهی. ویضاف فی عصرنا
مراعاه احتمال التحامل بسبب اختلاف الاجتهاد الحرکی الإسلامی… فینبغی أن یُراعی
المسلم کل ذلک لأن العداوه أو اختلاف المشرب فی کثیر من الأحیان تکون سبباً
للتحامل. فالمسلم قبل أن یتسرع بالحکم على مسلم بعینه نُقل إلیه أنه وقع فی الکفر,
لا بد له أن ینظر فی حال الناقل, وأن لا یتسرع بتکفیر ذلک المسلم قبل أن یتأکد من
دین الناقل وورعه وإنصافه وموضوعیّته.

وهنا أنصح کل مسلم فیما لو نُقل له عن آخر
ما یقتضی تکفیره: أن یقتصر على تکفیر مقاله القائل لا تکفیر الشخص المنقول عنه, حتى
یتثبَّت هو شخصیاً من ذلک, أو حتى یقرأ هو بنفسه کلامه إن کان مکتوباً, أو ینقل له
ثقهٌ فاهِمٌ مأمون متثبِّت, بعد أن یُحیط ویُلمّ بجمیع جوانب الموضوع الذی تکلم
فیه ذلک الکاتب, هذا إنْ کان هو من أهل العلم, خاصه إذا کان المنقول عنه معروفاً
بعدالته ودینه وحبه للإسلام وجهاده فی سبیل الله ـ سبحانه وتعالى ـ, أما إذا لم
یکن من أهل العلم فلا یجوز له أن یُقدم على هذا الأمر البتّه ولیسأل أهل العلم
الثقات ویلتزم بکلامهم.

ومن المعلوم بالمناسبه أن القاضی إذا نُقل
إلیه ما یقتضی تکفیر المسلم.. فإنه لا یکفّره إلا بأحد أمرین: إما بإقرار المکفَّر,
وإما بشهاده عَدْلین مُنْصِفَین وبعد أنْ یستفصلهما عن سبب الرده لأنهما ربما
یکفِّرانه عن هوى أو حتى بحسب مذهبهما ولم یُجمع علیه العلماء, فإذا استفصلهما
وقام عنده الدلیل على أن ذلک موجِبٌ للرده, فإنه یستدعی المکفَّر ویستتیبه, فإن
أبى فحینئذٍ یَحْکُم بردته وبما یترتب علیها من أحکام.

إذاً هذا هو الضابط الأول.

الضابط الثانی: هو القصد والاختیار, أی
التحقُّق من قصد واختیار المنقول عنه الکفر, ولکن هذا الضابط لیس على إطلاقه, إنما
فیما یحتمل وجوهاً عده من التأویل, أما فیما لیس له إلا معنى واحد کفری, ولا یحتمل
تأویلاً ولا معنىً آخر فإن الإنسان یُحاسب على ظاهر کلامه, وهذا محلّ اتفاق أهل
العلم. ولذلک أؤکد على خطأ سمعته من أحد العلماء المشهورین عندما سُئل عما یصدر من
بعض الناس من سبّ الله عزّ وجل فأفتى بعدم تکفیرهم !! لأن سبَّ الله مجمع على کفر
المتفوِّه به ولا یُقبَل أنه لم یقصد المعنى الکفری لأن ذلک یفتح الباب واسعاً أمام
الزنادقه لیخرِّبوا الدین ویهدموه من الداخل.إذاً الکلام الذی یتفوه به المسلم أو
الفعل الذی یقع فیه إذا احتمل وجوهاً من التأویل یجب اعتبارُ قصده والتیقُّن من
أنه أراد المعنى الکفری. وهذا الضابط لاحظه کثیراً علماء مذاهب الأئمه الأربعه الکبار ورکّزوا علیه لئلا یتسرع
المسلم بتکفیر المسلمین وخاصه العوام فیما یتعارفون علیه من عبارات قد تکون خطأً
یجب تحذیرهم منها إلا أن کثیراً منها یحتمل کثیراً من المعانی .. فلا بد من تأویل
کلامهم على أحسن المحامل حتى لا نقع فی تکفیر مسلم خطأً, اللهم إلا إذا صرّح هو
أنه أراد المعنى الکفری وارتضاه لنفسه فإنه یکفر.

وأنقل تأییداً لهذا الضابط کلاماً لکبار
العلماء من مختلف المذاهب:

قال الإمام القاضی عیاض رحمه الله ـ وهو أحد
کبار الأئمه المالکیه من علماء القرن السادس للهجره ـ فی کتابه الحفیل النفیس ((الشفا
بتعریف حقوق المصطفى))
, فی آخره حیث عقد فصلاً فی جمله ألفاظ تقتضی
التکفیر , وفی ثنایا هذا الفصل خاض فی هذا الموضوع ولاحظ عده ضوابط ,ومن جمله ما
قاله رحمه الله : (وأما من أضاف إلى الله تعالى ما لا یلیق به لیس على طریق السبّ
ولا الردّهِ وقَصْدِ الکفر ولکن ذلک عن طریق التأویل والاجتهاد والخطأ المُفضی إلى
الهوى والبدعه… فهذا مما اختلف السلف والخلف فی تکفیر قائله ومعتقده). قال
الشهاب الخَفَاجی تعلیقاً على کلامه ـ فی ۴۷۲:۴ من شرحه لکتاب الشفاـ: (فذهب
الأشعری إلى عدم تکفیر أهل الهَوَى والمذاهب المردوده وعلى ذلک أکثر العلماء من
الحنفیه والشافعیه). وقال العلاّمه ابن حجر الهَیْتمی فی کتابه ((الفتاوى الکبرى))
۲۲۹:۴: (الذی صرح به أئمتنا أن من تکلم بمُحْتَمِل للکفر لا یُحْکَم علیه حتى
یُسْتَفْسَر) أی حتى یُسأل عن قصده, فإن قال:قصدت هذا المعنى وکان المعنى المذکور صریحاً فی الکفر یکفّر, أما إن
قصد معنىً غیرَ کفری فإنّه لا یکفَّر . وبالطبع لا یعنی کلامه وکلام القاضی عیاض
ترک التشنیع علیه وتعزیره.

ولابن حجر کلام نقله عنه العلاّمه مُلاّ علی
القاری وهو من علماء الحنفیه فی القرن الحادی عشر الهجری فی کتابه ((شرح المشکاه))
کما نقله عنه المُبَارَکْفُوری فی ((شرح سنن الترمذی)) فی هذا المعنى ۳۶۲:۶ قال: (
والصواب عند الأکثرین من علماء السلف والخلف أنّا لا نکفّر أهل البدع والأهواء إلا
إنْ أتَوْا بکفر صریح لا استلزامی, لأن الأصح أن لازم المذهب لیس بمذهب, ومن ثَمّ
لا یزال المسلمون یعاملونهم معامله المسلمین فی نکاحهم وإنکاحهم والصلاه على
موتاهم ودَفْنِهم فی مقابرهم لأنهم وإن کانوا مخطئین غیر معذورین حقت علیهم کلمه
الفسق والضلاله , إلا أنهم لم یقصدوا بما قالوه اختیار الکفر).وجاء فی کتاب ((رد
المحتار)) للإمام ابن عابدین, علاّمه الحنفیه فی القرن الثالث عشر للهجره ومن
أکابر المحققین للمذهب الحنفی: (إذا کان فی المسأله وجوه ـ أی احتمالات ـ توجب
التکفیر ووَجْهٌ واحد یمنع التکفیر, فعلى المفتی أن یمیل إلى الوجه الذی یمنع
التکفیر تحسیناً للظن بالمسلم) وقد زاد فی البزّازیه ضابطاً مهماً (إلا إذا صرّح
بإراده موجِبِ الکفر فلا ینفعه التأویل حینئذٍ) أی لا نؤوِّل کلامه وقد صرّح بقصد
المعنى الکفری. وقد ضرب مثلاً لذلک فقال: )إذا
شتم رجلٌ دینَ مسلم فیحتمل أن یکون هذا السبّ استخفافاً فی الدین فیکفر, ویحتمل
أن یکون مراده أخلاقه الردیّه ومعاملته القبیحه, لا حقیقه دین الإسلام, فینبغی أن
لا یکفَّر حینئذ کما حرر ذلک بعض الحنفیه).

وقال العلاّمه ملاّ علی القاری فی ((شرح
الفقه الأکبر)) للإمام أبی حنیفه رحمه الله ص ۱۶۲: (ذکروا أن المسأله المتعلقه
بالکفر إذا کان لها تسعه وتسعون احتمالاً للکفر واحتمالٌ واحد فی نفیه, فالأَوْلى
للمفتی والقاضی أن یعمل بالاحتمال النافی لأن الخطأ فی إبقاء ألف کافر أهون من
الخطأ فی إفناء مسلم واحد), وذکر أیضاً فی الصفحه نفسها: (إذا کان اللفظ محتملاً, فلا
یُحکم بکونه کفراً إلا إذا صرح بأنه نوى المعنى الکفری).


ولتوضیح المراد أضرب بعض الأمثله من کتاب ((روضه الطالبین)) للإمام النووی
ـ رحمه الله تعالى ـ فی باب الرِدّه, أرید منها بیان ملاحظه العلماء لقصد المسلم, وهذا
تأکید على هذا الضابط الذی أنا بصدد شرحه. قال ـ رحمه الله ـ فی ۶۷:۱۰: (واختلفوا
فیمن نادى رجلاً اسمه “عبد الله” وأدخل فی آخره حرف الکاف, الذی یُدخَل
للتصغیر بالعُجْمیه, قیل: یکفر, وقیل: إن تعمّد التصغیر کُفِّر, وإن کان جاهلاً لا
یدری ما یقول أو لم یکن له قصد لا یکفَّر), وکذلک قال الإمام النووی: ( لو قیل
لمسلم قلِّمْ أظافرک فإنها سنّه رسول الله
,
فأجاب: لا أفعل وإنْ کان سنّه! المختارـ أی فی المذهب ـ أنه لا یکفَّر بهذا إلا أن
یقصد الاستهزاء).

ومثال آخر أنقله من کتاب ((شرح الفقه الأکبر))
للعلاّمه ملاّ علی القاری: (من ضحک على وجه الرضا ممن تکلم بالکفر: کفر, وأما إذا
ضحک لا على وجه الرضا, بل بسبب أن الکلام الموجب للکفر عجیب غریب یضحک السامع منه
ضرورهً فلا یکفر).

فکل هذه الأمثله تتضافر على ضروره التأکُّد
من قصد المسلم من کلامه إذا کان یحتمل وجوهاً متعدده وضروره تأویله ولو کان ظاهره
الکفر طالما أنه یحتمل التأویل ولو على وجه ضعیف, وذلک مراعاه لحُرمتِه وإبقاءً
على إسلامه ما أمکن.

الضابط الثالث: وهو أن لازم المذهب لیس بمذهب,
أو التفریق بین الکفر الصریح والکفر الاستلزامی.


ذلک أنّ الإنسان أحیاناً یقول کلاماً أو یفعل فعلاً لیس صریحاً فی الکفر
ولکن یلزم منه ویترتب علیه الکفر, فهل نحاسبه على لازم کلامه وفعله أم نحاسبه على
صریح کلامه وفعله؟ بعض علماء أهل السنه ـ وخاصه علماء ما وراء النهرین ـ یکفّرونه
على ما یلزم من کلامه, ولکنّ المحققین من علماء أهل السنه وجمهور السلف والخلف: أن
لازم المذهب لیس بمذهب, وعلى ذلک جرت تطبیقاتهم, فما یلزم من قول المسلم أو من
فعله إن لم یکن صریحاً فی الکفر ـ ولو کان یؤدی إلیه ـ لا یکفّرونه علیه. ولیس
معنى ذلک السکوت على ذلک القول أو الفعل بل یُغَلَّظ علیه ویُعاقب ویُبیَّن له خطر
کلامه ولکن لا یُطلَق علیه حکم التکفیر.

الضابط الرابع: انتفاء الإکراه, وهذا أمر لن
أطیل فی شرحه لأنه معروف بین طلبه العلم, فقد قال الله سبحانه وتعالى:
إلا من
أُکره وقلبُه مطمئنٌ بالإیمان
, فمن أُکره وأُجبر على الکفر فتلفظ به
وقلبُه مطمئن بالإیمان بالله وأحقیّه الإسلام فلا یکفر, وقصه سیدنا عمّار بن یاسر
ـ رضی الله عنه ـ معروفه وثابته فی الأحادیث الصحیحه, نعم الأخذ بالعزیمه والأفضل
فی ذلک, ولأفضل أن لا یتلفظ وینطق بالکفر وأن یثبت فی وجه الکافرین ما استطاع, ولکن
إنْ ضَعُفَتْ نفسه أو وصل إلى حد لم یعد یُطیق معه التعذیب فأخذ بالرخصه لا یکفر
طالما أن قلبه مطمئنّ بالإیمان.

الضابط الخامس: أن لا یکون الکلام محتملاً
لوجه من الوجوه التی تمنع التکفیر, وهذا الضابط ذکرته فی ثنایا الکلام عن ضابط
القصد والاختیار, فإن کان الکلام یحتمل وجهاً ـ ولو ضعیفاً ـ من وجوه عدم الکفر لا
یکفَّر, إلا إذا صرح باختیاره للمعنى الکفری کما سبق بیانه والتأکید علیه.

الضابط السادس والأخیر: وهو ضابط مهم ویحتاج
إلى انتباهٍ وتفهُّم, وهو التفریق بین المقاله والقائل, وهذا الضابط أیضاً لیس على
إطلاقه, وإنما فیما یُعذَر المسلم بجهله, أو فیما یشتبه علیه دلیلُه.

وللإمام الکبیر ابن الهُمام, من کبار فقهاء
الأحناف, کلام فی هذا الضابط نقله عنه الإمام ملاّ علی القاری فی ((شرح الفقه
الأکبر)) ـ ص۱۵۴ـ وأقرّه علیه, وقد نقله من کتابه ((فتح القدیر)) الذی شرح فیه
کتاب ((الهدایه)) للمَرغِینانی من متون
المذهب الحنفی, فی معرض الکلام عن تکفیر أهل الأهواء حیث قال: ( اعلم أن الحکم فی
کفر من ذکرنا من أهل الأهواء مع ما ثبت عن أبی حنیفه رحمه الله والشافعی رحمه الله
من عدم تکفیر أهل القِبله من المبتدعه کلهم: محملُه أنّ ذلک المُعتَقَد فی نفسه
کُفْر فالقائل بهِِ قائل بما هو کفر وإن لم یکن یکفر). وهذا رأی الإمام ابن تیمیه
کما صرح به فی کتاب ((المسائل المارِدِینیه)) قال: (وحقیقه الأمر فی ذلک أن القول
قد یکون کفراً فیُطلق القول بتکفیر صاحبه فیُقال: من قال کذا فهو کافر, لکنّ الشخص
المُعیَّن الذی قاله لا یُحکم بکفره حتى تقوم علیه الحجه التی یکفّر تارکها), وفی ((منهاج
السنّه)) ۲۷:۳: (ولا یلزم إذا کان القول کفراً أن یکفَّر کلُّ من قاله مع الجهل
والتأویل).

وأستطیع أن أجمع کل مشتملات القاعده فأقول
بتوفیق الله عزّ وجلّ: إذا کان الأمر مما یُعذر المسلم بجهله أو مما یخفى مثله على
أمثاله أو حصل له اشتباه فی دلیله وهو من أهل النظر فی الدلیل لا یُکفّر, وقد
استفدت هذه الضوابط مما کتبه الإمام القَرَافی فی کتابه ((الفروق)) فی الفرق
الرابع والتسعین: بین قاعده ما لا یکون الجهل عذراً فیه وبین ما یکون الجهل عذراً
فیه, وکذلک من الرساله التی کتبها شیخنا العلاّمه الشیخ عبد الله الصِّدیق
الغُماری رحمه الله: ((القول الجَزْل فیما لا یُعذر فیه بالجهل)).

هذه ستّه ضوابط للتکفیر, فإذا توفّرت فلا
بدّ من حمایه الدین وتحصین سیاجه وتکفیر من یتطاول علیه او یرید هدمه کمن یتلفّظ
بکلام صریح فی الکفر أو یعتقد معتقداً کفریاً أو یستهزئ بالشریعه أو یفضّل غیرها
علیها أو یتهمها بأنها رجعیه أو ظلامیه أو یبدِّل دین الله ویشرِّع الحلال والحرام
أو یستبیح ترک الشریعه ویحکم بغیر ما أنزل الله أو یستهزئ برسله ویحتقرهم أو یعتقد
أنهم بُله ـ حاشاهم بل هم أذکى البشر وأزکاهم وأفضلهم ـ أو یتطاول على القرآن
العظیم أو یتطاول على فریضه الجهاد فی الإسلام… وما إلى ذلک مما انتشر فی عصرنا
من کفریات قولیه أو اعتقادیه أو فعلیه, بمعنى أنه کما لا یجوز التسرع بالتکفیر فلا
یجوز أیضاً التهاون فی تکفیر من یستحق أن یوصف به شرعاً أو من وصفهم الوحی بالکفر.

وفی الختام أرجو من الله أن أکون قد اهتدیت
إلى الصواب فیما لاحظته من ضوابط العلماء فی موضوع التکفیر, وأن أکون قد بینت
مسائل العلم فی هذا الموضوع الخطیر بجلاء, وساهمت فی التخفیف من البلبله المستحکمه
فی الساحه الدینیه والعلمیه سائلاً الله عز وجل أن یجمع صفوف المسلمین وأن لا یجعل
بأسهم فیما بینهم.

وصلى الله وسلّم على سیدنا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعین.

یک دیدگاه

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا