المقالات

أخی الداعیه.. أنت صاحب رساله

أخی الداعیه.. أنت صاحب رساله
بقلم: د. أحمد حسن
أنت.. من أنت؟.. أنت صاحب رساله، عنوانک صدق وأمانه..
لقد احتاج رسول الله صلى الله علیه وسلم ۴۰ سنه لکی تکتمل له الصفتان: الصدق والأمانه (الصادق الأمین) إنها فتره تربیه طویله لترسیخ هاتین الصفتین علمًا وعملاً، فمطلوب أن تکون أخی الداعیه معروفًا بهما بین الناس، مشهورًا بذلک، ولیس هذا من الریاء فی شیء، ﴿إِنَّا نَرَاکَ مِنْ الْمُحْسِنِینَ﴾ (یوسف: من الآیه ۳۶) ﴿مَا عَلِمْنَا عَلَیْهِ مِنْ سُوءٍ﴾ (یوسف: من الآیه ۵۱).
 
 ینبغی أن تُعَرفَ بین الناس بصفاتک الحمیده، وعلى رأسها الصدق والأمانه.
۱- صدقک صدق لسان .. أنت لا تکذب؛ فالمؤمن لا یکون کذّابًا.
صدقُک صدقُ نیه .. "إن تصدُقِ اللهَ یصدُقک" .. "صَدَقَ الله فصدقَهُ الله".. هکذا کان الأعرابی.
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَیْهِ﴾ (الأحزاب: من الآیه ۲۳).
صدقُک صدقُ عملٍ؛ فلا تخرج عن المنهج الشرعی الذی أراده لک الله ورسوله.
 
۲- أمانتُک أمانهُ دعوه؛ لا تترخَّصْ فیها، لا تتنازل عنها، لا تتلون بها، لا تمالئ علیها، لا ترضَ بها بدیلاً، لا تتردَّد أمامها، لا تشترِ بها ثمنًا قلیلاً، تحملها کما هی، تؤدیها کما هی، بلا زیاده ولا نقصان..
﴿إِنَّ خَیْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِیُّ الأَمِینُ﴾ (القصص: من الآیه ۲۶)
﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَهَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ کَانَ ظَلُومًا جَهُولاً﴾ (الأحزاب: من الآیه ۷۲).
﴿إِنَّ اللهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ (النساء: من الآیه ۵۸).
﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِیثَاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَکْتُمُونَهُ﴾ (آل عمران: من الآیه ۱۸۷).
 
أنت.. من أنت؟!
أنت الداعیه الصبور..
تصبر على مشاق دعوتک..
تصبر على أذى الناس..
تصبر على بُعْد الشُّقّه وطول الطریق وتنکُّر الناس وقله السالکین..
أن تخالط الناس وتصبر على أذاهم خیر لک من اعتزال الناس وإیثار السلامه.
 
أنت الداعیه الرحیم..
ترحم ضعف الناس وتَقبل معذرتهم وتُقیل عثرتهم وتشفق علیهم.. ﴿فَبِمَا رَحْمَهٍ مِنْ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ﴾ (آل عمران: من الآیه ۱۵۹).
 
أنت الداعیه البصیر ذو العلم..
﴿قُلْ هَذِهِ سَبِیلِی أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِیرَهٍ﴾ (یوسف: من الآیه ۱۰۸) وتعلم العلم الربانی الذی یورث الخشیه من الله.. ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّیْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا یَحْذَرُ الآخِرَهَ وَیَرْجُو رَحْمَهَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: من الآیه ۹) فهذا هو علم الآخره.
تعلمُ أن القرب والقیام هو نتاج علمک، وهما اللذان یورثان الخشیه منه.
 
أنت الداعیه المتواضع لربک..
مشفق من عدم القبول، راجٍ منه القبول، منکسر لربک، متواضع فی قلبک، لا یعرف الکبر لک طریقًا؛ فأنت لا تعلم بما یختم لک، ولا تعلم هل أنت من المقبولین أم لا، ﴿وَالَّذِینَ یُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَهٌ﴾ (المؤمنون: من الآیه ۶۰) "لا یدخل الجنه من کان فی قلبه مثقال ذره من کبر".
 
 یا صاحب الرساله.. کن بصیرًا
﴿قُلْ هَذِهِ سَبِیلِی أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِیرَهٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِی وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِکِینَ﴾ (یوسف: ۱۰۸) وبصیرتک هی علم یزینه فَهْم، فلا العلم وحده ینفعک، ولا معنى لفهم بغیر علم؛ فأنت داعیه حرکته واسعه، وانتشاره کبیر، واتصالاته کثیره، وأنواع البشر الذین هم بغیتک کثیره.. ولکلٍّ ثقافته واطلاعه وعلمه، فلا بد أن تقنع الناس بما ترید؛ بعلم صحیح وفَهْم دقیق.
وخلاصه العلم والفهم هو الفقه.. فکن فقیهًا لما تقول، فبذلک تناقش الحجه بالحجه وتدعم أقوالک بالبراهین فترجح کِفّه دعوتک، والناس یجذبهم قوى الحجه، وینصرفون عن الساذج عدیم الحجه والخبره؛ فإن ألحن الناس حُجَّهً- ولو کان على باطل- ربما یقنع مستمعیه، وضعیف الحجه لا یؤثر ولو کان على الحق، فمما قاله رسول الله صلی الله علیه وسلم: "إنما أنا بشر وإنکم تختصمون إلیّ، ولعلّ بعضکم أن یکون ألحنَ بحجته من بعض فأقضی له بنحو مما أسمع.." (متفق علیه).
فإذا کان رسول الله صلى الله علیه وسلم یتأثر بالألحن حجهً ولو کان على الباطل؛ فما بالک بصاحب الحق الصادق..! صاحب الحجه البالغه الذی یقذف بالحق الذی معه على الباطل فیدمغه فإذا هو زاهق.
بصیرتک فی الدعوه یا صاحب الرساله توجب علیک أن تعلم ما لا ینبغی لک أن تجهله من علوم الشرع، ثم توجب علیک إسقاط هذا العلم على الواقع.. "تحقیق المناط".
 
العلم قبل العمل
قال تعالى ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِکَ﴾ (محمد: من الآیه ۱۹)، فقدِّمْ العلم على العمل، وذلک ضروری لک لتعلم حقیقه ما تدعو إلیه، وشرعیته ودرجه أهمیه ما تقول ورتبته فی الشرع، ولتعلم الحرام والحلال، وما یجوز وما لا یجوز، وما یسوغ فیه الاجتهاد وما لا یسوغ، وما یحتمل وجهین أو أکثر وما لا یحتمل.
فکن على بصیره وبیِّنه بموضوع دعوتک؛ فلا تأمر إلا بحق، ولا تنهَ إلا عن باطل، واعلم أن العلم هو ما قام علیه الدلیل الشرعی من کتاب الله وسنه رسوله صلی الله علیه وسلم ومن أدله الشرع الأخرى.
"إن صاحب الرساله العالم- بما یقول- لا ینفع نفسه فقط وإنما ینفع غیره بما یرشدهم إلیه؛ فالناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب؛ لأنهم یحتاجون إلیهما فی الیوم مره أو مرتین وحاجتهم إلى العلم بعدد أنفاسهم".. من کلام أحمد بن حنبل.
ویکفیک قول رسولک صلى الله علیه وسلم: "إن العالم لیستغفر له من فی السموات ومن فی الأرض وإن الله تعالى وملائکته یصلون على معلمی الناس الخیر".
صبر وصبر.. یا صاحب الرساله
لم یکتفِ الإسلام بأن یأمرک بالصبر؛ فقد یتساوى معک فی المشرکون والکفار صبرهم فیستمسکون بباطلهم؛ ألم تر أنهم یقولون عن النبی صلى الله علیه وسلم ﴿أَهَذَا الَّذِی بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (۴۱) إِنْ کَادَ لَیُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا﴾ (الفرقان: ۴۱ ، ۴۲) ﴿وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِکُمْ﴾ (ص: من الآیه ۶).
فإن کان هذا شأن أهل الباطل مع آلهتهم المزعومه؛ فکیف بک یا صاحب الرساله.. أنت ولا شک تحتاج إلى درجه أعلى من الصبر؛ لتنتصر، فإن ما بین النصر والهزیمه صبر ساعه ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: ۲۰۰).
فیا صاحب الرساله.. الصبر مع نفسک، والمصابره بینک وبین عدوک، والمرابطه وهی المداومه، والثبات على الصبر وعلى المصابره حتى الممات.
یا صاحب الرساله.. یکفیک قوله تعالى ﴿وَالْعَصْرِ (۱) إِنَّ الإِنسَانَ لَفِی خُسْرٍ (۲) إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (۳)﴾ (العصر).
یا صاحب الرساله.. أشد الناس بلاءً الأنبیاء ثم الأولیاء ثم الأمثل فالأمثل، ومع شده البلاء لا تملک إلا أن تقول ما قاله سلفک من المرسلین والصالحین: ﴿وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَیْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْیَتَوَکَّلْ الْمُتَوَکِّلُونَ﴾ (إبراهیم: من الآیه ۱۲).
 
أنت صاحب رساله
فأنت إذن صاحب إیمان عمیق، وصاحب ثقه کبیره فی انتصار هذا الدین، وهذا الاعتقاد الجازم بنصر الله لیس کسراب بقیعه یحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم یجده شیئًا، ولا من باب التمنی الکاذب؛ وإنما هو من علم الیقین الذی تعلمته من رسولک الکریم وهو یقول فی ساعه العسره وشده الکرب وقله العدد واستمرار الإیذاء والاستهزاء "والله لیتمن الله هذا الأمر حتى یسیر الراکب من صنعاء إلى حضرموت لا یخاف إلا الله والذئب على غنمه ولکنکم تستعجلون".
وقد تحقق ما وعد الله به المؤمنین من نصر وتمکین.. ﴿کَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِی إِنَّ اللهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ﴾ (المجادله: ۲۱).
 
ابدأ بنفسک
کأنی برسول الله صلى الله علیه وسلم یحدد لصحابته معالم الشخصیه القدوه، وما ینبغی لصاحب الرساله أن یکون علیه قبل أن یدعو الناس لدین الله، وذلک فی حدیث معاذ الذی یجمع بین تقوى الله ومحاسن الأخلاق؛ الذی یقول فیه: أوصانی رسول الله صلی الله علیه وسلم فقال "یا معاذ، أوصیک بتقوى الله، وصدق الحدیث، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانه، وترک الخیانه، وحفظ الجار، ورحمه الیتیم، ولین الکلام وبذل السلام، وحسن العمل، وقصر الأمل، ولزوم الإیمان والتفقه فی القرآن، وحب الآخره، والجزع من الحساب، وخفض الجناح، وأنهاک أن تسب حکیمًا أو تکذِّب صادقًا أو تطیع آثمًا أو تعصی إمامًا عادلاً أو تفسد أرضًا، وأوصیک باتقاء الله عند کل حجر وشجر ومدر، وأن تُحدث لکل ذنب توبه؛ السر بالسر والعلانیه بالعلانیه".
فبالله علیک.. شخصیه هذه سماتها وتلک أخلاقها، کیف یکون تأثیرها فیمن حولها؟! صدقت یا عمر حین قلت: "إن لله رجالاً أحیَوا الحق بذکره وأماتوا الباطل بهجره".
فالداعیه الصادق یجب أن یبدأ بنفسه قبل أن یدعو غیره ذلک، إنه من السهل جدًّا أن یدعی الدین، ولکن من الصعب أن یطبق على النفس وأن یکون صاحب الدعوه قدوه سلوکیه یراها الناس.
 
کن قدوه
إن الإسلام یعرض محمدًا صلى الله علیه وسلم علینا کقدوه، لیس للإعجاب السلبی ولا التأمل التجریدی فی سبحات الخیال؛ ولکنه یعرضها علیک یا أیها الداعیه لتحققها فی ذات نفسک بقدر ما تستطیع؛ لأن الإسلام یرى أن القدوه أعظم وسائل التربیه فیقیم تربیته الدائمه على هذا الأساس.
 
القدوه أولاً
فلابد للطفل من قدوه فی أسرته ووالدیه؛ لکی یتشرّب منذ طفولته المبادئ الإسلامیه وینهج على نهجها القویم، ولابد للناس من قدوه فی مجتمعهم یطبعهم بطابع الإسلام وتقالیده النظیفه؛ لکی یحملوا الأمانه للأجیال القادمه، ولابد للمجتمع من قدوه فی قادته وزعمائه وحکَّامه، تتحقق فی أشخاصهم المبادئ وینسج على منوالهم الناس.
فما قیمه دعوهُ مترفٍ إلى التقشف؟!
 
وماذا تجدی دعوه ظالم لإنصاف المظلومین؟!
وما قیمه دعوه کاذب إلى الصدق؟! ودعوه منحرف إلى الاستقامه؟! إنها دعوات لا تجدی بل تترک أثرًا سیئًا فی نفوس المدعوین.. فهل تتصور أیها الداعیه والدًا کذوبًا ینشئ أولاده على الصدق، أو أما مستهتره تربی بناتها على الفضیله والعفاف، أو ابنًا عاقًّا قاسیًا یدعو الناس إلى الرحمه؟!.
 
فاقد الشیء لا یعطیه
الصاحب هو الملازم للشیء لا یترکه ولا ینعزل عنه ولا یتخلى عنه..
وأنت صاحب.. صاحب أی شیء ؟!!
هناک صاحب مصلحه، وهناک صاحب دنیا، وهناک صاحب فضیله، وهناک صاحب طریقه، وهناک صاحب شرکه، وهناک صاحب عمل وصاحب أموال، وأصحاب الجنه هم الفائزون.
 
أصحاب الرساله وأنت منهم..
الصاحب هو الملازم.. الذی لا یفارق الشیء ولا یترکه ولا یتخلى عنه، فکیف یترکه ویتخلى عنه، وهو محتاج له ملاصق له وملازم له؟! فشرط الصحبه.. الملازمه والمداومه، وعدم الانفکاک عن الشیء وعدم هجره وعدم التخلی عنه.
شرط الصحبه أن تحمل هم الذی تصاحبه، وتنشغل به، یجدک حیث احتاج الیک "خیر الأعمال أدومها وإن قل".
﴿تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِی الدُّنْیَا مَعْرُوفًا﴾ (لقمان: من الآیه ۱۵) لا تترکهما ولا تتخل عنهما، اهتمَّ بأمرهما.
وأنت صاحب رساله.. هی همک لیل نهار وفیها شغلک وتفکیرک.. تحیا بها وتموت علیها، ملاصقه لک، ملازمه لعقلک وقلبک فی کل حین ملتصقه بک.. عجیبه هی الرساله منصهره فی لحمک مختلطه بعظمک، تقیس الدنیا بها وتزن الأمور بمیزانها.
وتقیم الناس بمثاقیلها، هی مصدر فرحک وحزنک.. هی سعادتک وشقاؤک.. ابتسامتک وعبوسک.. رأس مالک.. هی استثمارک هی، فأنت صاحبها.. أنت أعرف بها وأعلم بمسالکها.. لا تؤتى من قِبَلک.. فأنت صاحبها.. إنها رسالتک.
 
یا صاحب الرساله.. ما رسالتک؟!
رسالتک.. رسالهُ إنقاذ للناس من النار خذ بحجزهم عن النار.. وکیف ذلک؟؟ اسمع إلى قول ربعی ابن عامر لرستم قائد الفرس
۱- لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عباده العباد إلى عباده الله رب العالمین.
۲- ومن ضیق الدنیا إلى سعه الدنیا والآخره.
۳- ومن جور الحکام إلى عدل الإسلام.
لله درک یا ربعی بن عامر..!!!
.. من علَّمک هذه الکلمات؟!
.. من أی المدارس أتیت بها؟!
.. کیف هو فهمُک؟! کیف أنارت بصیرتَک ؟!
هذه رسالتک یا صاحب الرساله، فما دمت أنت صاحبها فلابد أن تعیشها، وتحیط بها من کل جوانبها.
رسالتک.. توحید خالص لله رب العالمین.. تأکید على الإیمان بالله ربًّا وإلهًا، وعلى الإیمان بمحمد صلی الله علیه وسلم نبیًّا ورسولاً، وعلى البعث بعد الموت، وعلى ضروره العمل الصالح للنجاه من العذاب فی الآخره.
– عَّلم الناس أن لهم خالقًا ورازقًا محییًا وممیتًا هادیًا ومعینًا "توحید الربوبیه" وعلمهم أن خالقهم له الأسماء الحسنى والصفات العلى، فلا قویَّ بحق إلا هو، ولا نصیر بحق إلا هو، ولا رحیم بحق إلا هو.. ولا مثیل ولا ند له ولا شبیه له ﴿لَیْسَ کَمِثْلِهِ شَیْءٌ﴾ (الشورى: من الآیه ۱۲) "توحید الأسماء والصفات".
ثم علمهم أن هذا الخالق الذی له کل الجلال والکمال وله کل الأسماء الحسنى والصفات العلیه؛ هو وحده المستحق للعباده، وهو وحده المستحق للطاعه، وهو وحده المستحق للحب الحقیقی، وکل حب نحبه لابد أن ینبثق من حب الله، وإذا تعارض حبه مع حب غیره قدَّمنا حبه على حب غیره، وهذا هو أجلّ توحید "توحید الألوهیه" الذی من أجله قامت السموات والأرض، وبه یدین الله العباده، وعلى أساسه یفترق الخلق إلى فریقین ﴿فَرِیقٌ فِی الْجَنَّهِ وَفَرِیقٌ فِی السَّعِیرِ﴾ (الشورى: من الآیه ۷).
علِّم الناس أن توحید الألوهیه "توحید العباده" هو غایتنا، ومن أجله خلق الله الخلق ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِیَعْبُدُونِ (۵۶)﴾ (الذاریات).
وأن أبا جهل وأبا لهب عرفا هذا الأمر فلم یسلما لله رب العالمین، وأن المطلوب من الناس لیس توحید الربوبیه الذی عرفه الکفار وآمنوا به ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَیَقُولُنَّ اللهُ﴾ (لقمان: من الآیه ۲۵) ؛ ولکن توحید العباده هو توحید الانقیاد وتوحید الاستسلام لله رب العالمین، فلابد أن یرتقی إیماننا فوق إیمان أبى جهل، وهذه هی قضیه الإنسان الکبرى "قضیه التوحید".
لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عباده العباد إلى عباده الله رب العالمین.
 
رسالتک.. رساله عدل.. وحریه ومساواه
مهمتک أن تعلم الناس معنی العدل.. وطعم الحریه.. وقیمه المساواه، فهذه مهمه من مهمات هذا الدین؛ "لا فضل لعربی على عجمی، ولا لأبیض على أحمر…کلکم لآدم، وآدم من تراب… ﴿إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاکُمْ﴾ (الحجرات: من الآیه ۱۳) وظیفتک یا صاحب الرساله أن تأخذ بأیدی الناس؛ حتى یشبّوا عن الطوق، ویعلموا أن لهم حقوقًا، وأنهم أحرار کرماء کما خلقهم الله عز وجل .
وأن عمر فهمها فقالها لابن عمرو بن العاص: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!"
مهمتک أن تبصِّر الناس بحقوقهم، وأن تبثّ فیهم روح العزه والکرامه، وأن الناس یتفاضلون بالتقوى والقرب من الله، ولیس بالأموال ولا الأحساب ولا الأنساب.
– مهمتک أن تبصِّر الناس بتاریخ الإسلام المنیر الناصع فی العدل والمساواه، وکیف حارب الإسلام الظلم والظالمین، وکیف یکون المسلم عزیزًا بعزِّ هذا الدین، ولا یقبل الظلم ولا الضیم ولا الاستکانه، علِّم الناس الثقه والأمل فی نصر الله لهذا الدین، ولو طال الطریق، وأن الأقدام ثابته على الأرض، والهامات تطاول السماء.. لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من جور الحکام الذین لا یحکمون بما أنزل الله إلى عدل الإسلام ومنهجه القویم.
 
یا صاحب الرساله.. ما هی رسالتک؟
– أن تخرج الناس من ضیق الدنیا إلى سعه الدنیا والآخره أن ترسُم لهم منهجًا ربانیًّا فی الحیاه یسیرون على هدیه، فیفرج الله ما بهم من ضیق وهم وکرب، وتتسع آفاق حیاتهم، وتتسع صدورهم وتنشرح لیقینهم أنهم على طریق الله، وفی ظل شِرعه الله، ولتؤکد لهم أن ضیق الصدور وضیق الأرزاق وضیق الدنیا یصیب مَنْ أعْرض عن الطریق والمنهج.. ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَهً ضَنکًا وَنَحْشُرُهُ یَوْمَ الْقِیَامَهِ أَعْمَى (۱۲۴)﴾ (طه).
– رسالتک یا صاحب الرساله هی رسالهُ أمل وثقه فی أن ما عند الله خیر وأبقى، وأن الدنیا، وإن ضاقت واقترنت بالتعب والکد والنصب وإن عایش الناس فیها الجهد والعوارض التی تلم بالعباد من مرض وفقر أحیاناً فإن الآخره دار قرار وراحه وسعاده ونعیم لا ینفذ.
– علِّم الناس أن منهج الله هو سر سعاده الناس وتقدمهم وتفوقهم وغناهم وقوتهم وعزتهم.. فقط أقبلوا على شریعه الله.. ففیها الخیر.. کل الخیر "ومن ضیق الدنیا إلى سعه الدنیا والآخره".
 
لمن هذه الرساله التی تحیا من أجلها؟
للإنسان کائنًا من کان.. کل الناس بغیتک ﴿قُلْ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللهِ إِلَیْکُمْ جَمِیعًا﴾ (الأعراف: من الآیه ۱۵۸).
ذکور الناس وإناثهم أیًّا کان لونهم أو جنسهم أو مهنتهم أو مکانهم.
– رسالتک إلى الأقربین من دوائرک المحیطه.. رسالتک إلى أهلک وعشیرتک أولاً.. وانذر عشیرتک الأقربین.
أسرتک وأقاربک أولاً، زوجک وأولادک أولاً.. "کلکم راعٍ وکلکم مسئول عن رعیته".
﴿وَکَانَ یَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاهِ﴾ (مریم: من الآیه ۵۵).. ﴿قُوا أَنفُسَکُمْ وَأَهْلِیکُمْ نَارًا﴾ (التحریم: من الآیه ۶).
– رسالتک لجماهیر الناس.. لأنهم أسرع فی الاستجابه للحق لعدم وجود موانع القبول، من کِبْر وجاهٍ ورئاسه وتَرفٍ یحرصون على استمراره.
– رسالتک للملأ.. للکبراء للصادین عن سبیل الله.. للظالمین للناس؛ ذلک لأنهم یمنعون الجماهیر من الانقیاد للإسلام، بتضلیلهم مره وبتخویفهم مره.
– رسالتک للمنافقین فضحًا لهم وکشفًا لأسالیبهم وتحذیرًا منهم ومن کبرهم.
 
رسالتک للعالمین
إلى الناس.. کل الناس.. مؤمنهم.. کافرهم.. عاصیهم.. طائعهم.. کبیرهم.. صغیرهم.. ذکرهم.. أنثاهم.. عالمهم.. جاهلهم.
لکل صنف من الناس علاقه بک فی دعوتک.. وکلهم مسئولیتک وأنت شاهد على الجمیع.. بدعوتک ورسالتک..
وأسوتک فی ذلک قائدک وزعیمک صلى الله علیه وسلم
إیاک والعزله عن الناس یا صاحب الرساله.. فلیست هذه مهمتک ولا شأنک فـ "الذی یخالط الناس ویصبر على أذاهم خیر من الذی لا یخالط الناس ولا یصبر على أذاهم" ( رواه الترمذی ).
أنت لست داعیه عزله ولکن مکانک بین الناس.. تدعوهم إلى الخیر الذی معک.
 
أصناف الناس
۱- ملأ.. کبراء وأغنیاء بیدهم السلطه والنفوذ
۲- جمهور الناس وعامتهم وهم الغالبیه
۳- المؤمنون الصالحون الأتقیاء
۴- العصاه… وما أکثرهم
۵- المنافقون
رسالتک إلى کل الأجناس وکل الطبقات وکل الفئات ﴿قُلْ یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللهِ إِلَیْکُمْ جَمِیعًا﴾ (الأعراف: من الآیه ۱۵۸).
فکن حریصًا على إیصال دعوتک إلى کل إنسان تستطیع الوصول إلیه وهذا لا یناقض ابتداءک بالأقربین إلیک، فلهم منک السبق فی الوصول إلیهم؛ لأنهم فقط أسهل فی التبلیغ وأقرب فی الخطاب " وَأَنذِرْ عَشِیرَتَکَ الأَقْرَبِینَ (۲۱۴) " ( الشعراء ) فابدأ بأسرتک وأقاربک.. ألست راعیًا ومسئولاً عن رعیتک " کلکم راعٍ وکلکم مسئول عن رعیته".
ومسئولیتک عن أسرتک دینیُّا أهم بکثیر من مسئولیتک عنهم مادیًّا وحیاتیًّا..
ألم یثن الله على أحد رسله الکرام بقوله ﴿وَکَانَ یَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاهِ﴾ (مریم: من الآیه ۵۵) ألم یأمرنا الله عز وجل ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَکُمْ وَأَهْلِیکُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَهُ﴾ (التحریم: من الآیه ۶).
وظیفتک أن تنقذ الناس کل الناس من النار وتدفعهم دفعًا إلى الجنه، فتلک مهمه الرسل وأنت من أتباع الرسل.. اقتدِ برسولک صلى الله علیه وسلم فی ذلک.
وصلى الله وسلم وبارک على سیدنا محمد صلى الله علیه وسلم..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین.
المصدر :اخوان انلاین

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا