العربیةالمقالاتدعوة و دعاة

العلاقه بین الزوجین وعدم تأثیر الدعوه علیها

العلاقه بین الزوجین وعدم تأثیر الدعوه علیها

لفضیله الدکتور محمد راتب النابلسی

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین، والصلاه والسلام على سیّدنا محمد الصادق الوعد الأمین، اللهم لا علم لنا إلا ما علَّمْتنا إنک أنت العلیم الحکیم، اللهم علِّمنا ما ینْفعنا وانْفعنا بِما علَّمتنا وزِدْنا عِلما، وأَرِنا الحق حقاً وارْزقنا اتِّباعه وأرِنا الباطل باطِلاً وارزُقنا اجْتنابه، واجْعلنا ممن یسْتمعون القول فَیَتَّبِعون أحْسنه، وأدْخِلنا برحْمتک فی عبادک الصالحین.

أیها الإخوه الکرام:

هذا الموضوعٌ وَجَدْتُه من أدقِّ المواضیع التی تَمَسُّ حیاه المسلمین ولا سیَّما فی مُستوى أُسَرِنا، فَکَم من أخٍ کریمٍ شَکا لی انْصِراف زوْجَتِه عن العِنایه به، والعِنایهِ بِنَفْسِها، وربما نشأ من هذا التَّقْصیر جَفْوَهٌ بین الزَّوْجَیْن أو تطلُّعٌ إلى سِواها إذا کان الإیمان ضعیفاً، أکثر من عِدَّه شکاوى فی هذا الأُسْبوع جاءَتْنی من إخْوهٍ کِرام یقولون: إنَّ زَوْجته لها اتِّجاهٌ دینی ولها نشاطٌ فی الدَّعوه إلى الله، ومع ذلک تُهْمِلُ أکبر الواجِبات التی کَلَّفَها الله بها.

أیها الإخوه:

بادىء ذی بدْء أُعْطیکم القواعد الأساسیَّه، فالقاعِدَه الأولى لا یُعْبَدُ إلا الله، قال تعالى:

﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ (۵۶)﴾

[سوره الذاریات]

﴿لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾

[ سوره هود: الآیه ۲]

والقاعِدَه التی لا تقِلُّ عنها أَهَمِّیَهً هی: أنَّ الله لا یُعْبد إلا وَفْق مَا شَرَّع، فأیُّ إنسان یریدُ أن یعْبد الله وَفْق اجْتِهادٍ بعیدٍ عن الشَّرْع، فهذه العِباده مَرْفوضه لأنَّ أحد الأئِمَّه الأعْلام الفُضَیْل بن عِیاض یقول: إنَّ العمل لا یُقْبل إلا بِشَرْطَیْن: إلا إذا کان خالصاً وکان صواباً، لو أنَّنا تَوَهَّمْنا أنَّ هذا الإنسان مُخْلِص فی هذا العَمَل وأراد به وَجْه الله، فإن لم یَکُن هذا العَمَل مُطابِقاً للسُنَّه فَهُوَ مَرْفوضٌ عند الله، لأنَّ أکْمَل الخلْق هو رسول الله صلى الله علیه وسلَم ولأن النبی علیه الصلاه والسلام لا ینطق عن الهَوَى إنْ هو إلا وَحْیٌ یوحى.

فهذا الذی یتجاوَزُ تَوْجیهات النبی صلى الله علیه وسلَّم أو یُقَصِّرُ عنها یُؤَکِّدُ ضِمْناً أنَّ النبی إما أنَّهُ سها عن الذی أضافَهُ على سُنَّتِهِ، وإما أنَّهُ زاد بِشَکْلٍ لا ینبغی أن یزْداد فیه، فهُوَ یتَّهِمُ النبی علیه الصلاه والسلام شاء أم أبى، مع أنَّ الله عز وجل یقول:

﴿الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الْإِسْلَامَ دِیناً﴾

[سوره المائده:الآیه ۳]

طبْعاً سأذْکر لکم مثَلاً صارِخاً، أحْیاناً المَثَل الحادّ یُوَضِّح الفِکْره.

جاءَنی اتِّصال هاتِفی قبل یوْمیْن ؛ امْرأهٌ تُریدُ أن تَحُجَّ هذا العام وقد حَجَّتْ حجَّه الفرْض، ولا یوجد طریق لأنْ یکون معها مَحْرَم إلا أنْ تعْقِد عَقْد زواج صوری على رَجُل لِیَکون مَحْرَماً لها ! المرأه التی لا مَحْرَمَ لها هل هی مُکَلَّفَهٌ بالحجّ ؟ لا، هذه المرأه ترید أن تعبدَ الله وَفْق مِزاجِها، تلْعَبُ بِأَقْدَسِ عقْدٍ فی الأرْض ! فأقدس عقد بین إنسانین على وجه الأرض هو عقد الزواج، تعْقِدُ عَقْد قِرانٍ شکْلی صوری من أجل أنْ تَحُجَّ حجَّهً بعد حَجَّهَ الفرْض ! هذا خِلاف الشرْع، مِثْل هذه الحاله عَشَرات بل مئات، أوَّلُ حقیقه لا یُعْبد إلا الله، ولا یُعْبَدُ الله تعالى إلا وَفْق ما شرَّع، إذاً هذه المرأه، وأنا لا أتَحَدَّثُ عن امْرأه مُتَفَلِّتَه، إطلاقاً، لا أتحدث عن امرأه لا تعرِف الله، لا أتحدث عن امرأه لا تقْرأ القرآن، لا تعرف طریقها إلى الله، بل أتَحَدَّثُ عن امْرأه تدْعو إلى الله ولها دعوه، ولکِنَّها تُهْمِلُ حقَّ زَوْجِها إهْمالاً شنیعاً، بلا سَبَبٍ مُبَرِّرَ، مع أنَّ النبی علیه الصلاه والسلام یقول، ویخاطب النساء عامه:

(( اعلمی أیتها المرأه و أعلمی من دونک من النساء أن حسْنَ تبَعُّل المرأه زَوْجَها یعدل الجهاد فی سبیل الله ))

الشیء المُؤلم أنَّ الزَّوْج یومَ کان مُتَفَلِّتاً، ویوم کان بِإمْکانِهِ أن یجْلس مع أیَّهِ امْرأه وأن یسْتغْنی عن زَوْجَتِه، وأن یمْلأَ قلبها غَیْظاً، حینما ینْظر إلى غیرِها ویُقیمُ علاقَهً مع غیرها، تخْشى أنْ یتفَلَّتَ من یدَیْها فَتعْتنی بِشَکْلِها وهِنْدامِها وتُؤَدِّی له جمیعَ حُقوقِهِ کامله، فإذا تاب هذا الزَّوْج إلى الله توْبَهً نَصوحاً، وغَضَّ بصره عن محارِمِ الله، ولم یعد ینْظر إلى امْرأه لا تَحِلُّ له، إذا أصْبَح بهذه الحاله الطیبه المستقیمه وبعد أن اصْطَلَحَ مع الله، تُهْمِلُهُ زَوْجَتَهُ ! وکأنَّها تطْمَئِنّ إلى أنَّهُ لن یُقیمَ علاقَهً مع امْرأهٍ أخرى بعد أن عرف الله، أهذا جزاءُ المُسْتقیم ؟! أهذا جزاءُ الرجل الذی تاب إلى الله تَوْبَهً نصوحاً ؟! تُهْمِلُ أداء حقوقه الزوجیه ؟ فهذه التی تدْعو إلى الله وتتقَرَّبُ إلى الله بتلاوه القرآن، بصلاه اللیل، بحِجابِها، بتَرْبِیَه بنات المُسْلمین ؛ هذه مُقَصِّرَه فی أکْبر واجِبٍ من واجِباتِها وهو زَوْجُها المؤمن الصادق المُسْتقیم ؛ من له غیرها ؟! من التی تُحْصِنُهُ غیر زَوْجته ؟! ألا ترَوْنَ معی أنَّ هذا المَوْقِف لا یُرْضی الله عز وجل ؟ یوم کان مُتَفَلِّتاً تعْتنی أشَدَّ العِنایه به، تخاف علیه أنْ تخْسَرَهُ، تُقَدِّمُ له کُلَّ ما تسْتطیع فلما تاب إلى الله واسْتقام على أمْر الله، وغَضَّ بصرهُ عن کُلِّ امْرأه لا تحِلُّ له، اطْمَأنَّتْ وارْتاحَتْ وأهْمَلَتْ واجِبها تجاه زوجها، فالزوج، ولا سیَّما إذا کان الزَّوْجُ شاباً، فمَنْ له غیر زَوْجَتِه، وهی مُطْمئِنَّه أنَّهُ لن یعْصِیَ الله عز وجل، فلذلک هذا مَوْقِف غیر واضِح، و غیر مقبول، وغیر مَنْطِقی، ولا یُرْضی الله عز وجل.

أنا أضَعُ بینکم هذه الحقیقه، عباده الله عز وجل تقوم على أساسیْن:

أنْ تعْبُدَ الله فیما أقامک الله فیه، وأن تعْبُدَ الله فی الظَّرْف الذی وَضَعَکَ الله فیه، فیمَ أقامک الله عز وجل ؟ أقامَکَ غَنِیّاً، إذاً عبادتُکَ إنْفاق المال، هذه هی الأولى، طبْعاً تُصَلِّی، وتصوم، وتحجُّ البیْت، و تؤدی الزکاه، وتصْدق، وتکون عَفیفاً وأمیناً، هذا شیء بدیهی، أما عبادتک الأولى لأنَّ الله أقامک غَنِیاًّ فهی إنْفاق المال، العالم: عِبادَتُهُ الأولى لأنَّ الله تعالى مَنَّ علیه بالعِلْم هی نشر العلم، قال تعالى:

﴿وَعَلَّمَکَ مَا لَمْ تَکُنْ تَعْلَمُ وَکَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکَ عَظِیماً (۱۱۳)﴾

[سوره النساء: الآیه ۱۱۳]

القوِیّ: یصوم ویُصلی ویحج و یزکیّ و یصْدق و هو مؤتمن و عفیف إلا أنَّ عِبادَتهُ الأولى إنْصافُ المَظْلومین، فالعالِم یُعَلِّم، والغنی یُنْفِق، والقویّ یُنْصِف، لذلک وردَ أنّ الورَع حَسَن لکن فی العلماء أحْسن، وأنَّ التوبه أمر حسن لکن فی الشباب أحْسن، وأنّ الحیاء حسن لکن فی النِّساء أحْسن، وأنَّ الصبْر حسن لکن فی الفقراء أحْسن، وأنَّ السَّخاء حسن لکِن فی الأغنیاء أحْسن، یجب أن تُلاحِظ ما هَوِیَّتُک ؟ أنت رجل، رجل غنی فعلیک إنْفاق المال، رجل عالِم فعلیک تعلیم العِلْم، رجل قوی فعلیک إنصاف المظلومین، أنت امْرأه ما وَظیفَتُکِ الأولى التی أُنیطَتْ بک ؟ أن تکونی زوْجَهً صالِحَه، فأوَّلُ وظیفه أنْ تعْتنی بِزَوْجِک وأوْلادک، اِعْلمی أیَّتُها المرأه وأعْلِمی مَن دونَکِ من النِّساء أنَّ حُسْن تبعُّل المرأه زَوْجَها یَعْدِلُ الجِهاد فی سبیل الله.

أضَعُ بین أیْدیکم مثَلاً آخر ؛ امْرأه لها أوْلاد قامتْ مِن اللیل ما شاء لها أن تقوم، وصَلَّتْ ما شاء الله لها أن تُصَلی، و قرأت القرآن و بکت، وفی الساعه السادِسَه أدْرَکَها التَّعَب فنامَتْ، ولها أوْلادٌ خَمْسَه أمَرَتْهُم أن یذْهبوا إلى المَدْرسه، وأن یأکلوا بِمُفْرَدِهم معتمدین على أنفسهم، وأن یرْتدوا ثِیابَهُم وحدهم، لکن ثیابهم غیر نظیفه، طعامٌهم غیر جَیِّد، أوْلاد صِغار، أنا والله الذی لا إله إلا هو الذی أعْرِفُه عن الله تعالى أنَّ هذه المرْأه لو صَلَّتْ فرْض الفجْر فقط وسُنَّتَهُ ورَعَتْ أوْلادها فی هِنْدامِهم وطعامِهم ولباسِهم، وکانت خیْر أمٍّ لهم کانت أقْرب إلى الله ؛ هذا والله إیمانی، أی: أقامها أماً، أعلى درَجَهٍ فی عبادتها أنْ ترْعى أوْلادها، أقامَها زوْجه أعْلى درجه تنالها عند الله أن تکون زوجه صالحه، الصحابِیَّات الجلیلات کنَّ إذا أردْن أن یقُمْن اللیل أو أن یتعَبَّدْن الله عز وجل یسْألْن أزْواجَهُنّ فی أول اللیل، تقول له: یا فلان ألک بی حاجه ؟! لأنَّها تعلم من شِدَّه فِقْهِها أنَّ الله تعالى لا یقْبل عبادَتها إن کان لِزَوْجِها عندها حاجه.

الذی أعْجبُ منه أنَّ المرأه هل تعبد الله وَفْق ما ترید، ووفق ما ترى، ووفق ما تجْتَهِد، أم وَفْق ما یرْضی الله عز وجل ؟ فأیَّهُ امْرأه تُهْمِلُ زَوْجها، ولا تعْتنی بِهِنْدامِها، ولا تُحَصِّن زوْجها، ولا تعْطیهِ حقَّهُ من ذاتِها، ولا ترْعى أوْلادها، والله لو صَلَّتْ کُلَّ اللیل، وقرأَتْ کُلَّ یومین خَتْمه، هذا إیمانی وهذه معْرِفَتی، فإن الله جل جلاله یُؤْثِرُ علیها امْرأه تقوم بِواجِبِها نحو زوْجها وأوْلادها، لأنَّ العباده الحقَّه أن تعْبد الله وِفْقَ ما شَرَّعَ الله لا وَفْق ما ترید، فهل مقبول من طبیب مثلاً أن یُهْمِلَ المَرْضى، أقامه الله طبیباً، ویهمل المرضى، یُعْطی أدْوِیَه غیر مَدْروسه، ویتسرَّع بِتَشْخیص الداء، و یلْتفِت إلى قراءه القرآن بالعِیاده، سیّدنا عمر رأى رجُلاً یقْرأ القرآن ویبْدو أنَّهُ مُهْمِل لِعَمَلِه، فقال: إنما أُنْزل هذا القرآن لِیُعْمَلَ به أفاتَّخَذْت قِراءَتَهُ عَمَلاً ؟! أنا لا أتَکَلَّمُ مِن فراغ، والله فی أسبوع واحدٍ وصلنی أکثر من خمْس شکاوى وهی شکاوى مُؤَثِّرَه جداً مِن أزْواج تابوا إلى الله تعالى، وتعرّفَوا إلیه، واسْتقاموا على أمْرِه، و زْوجاتهم بعْد أن کانت کل واحده تخاف علیه خَوْفاً غیر مَعْقول اطْمأنَّت وأهْمَلَتْ نفْسَها، فلا عِنایه، ولا هِنْدام حسن، ولا اهْتِمام، ولا جلْسَه مع الزَّوْج، ولا تلْبِیَه لرغباته، مُنْصَرِفَه إلى الصلاه والصیام وإلى قراءه القرآن، وهذا على العَیْن والرأس لکن لا على حِساب القیام بواجباتها، وأداء حقوق زوْجها، أقول إن هذه المرأه وأنا لا أتَحَدَّثُ أبداً عن امْرأه مُتَفَلِّتَه، ولا عن امرأهٍ لا تعْرفُ الله تعالى، بل أعْنی بِکَلامی امْرأه تعْرف الله تعالى، وتتقَرَّبُ إلیه بِأعْمالٍ جلیله وصالحه و جیده، لکن لتعلم أنّ الله أقامها زوجه، فأوَّلُ عباده لها أن تُؤدی حقَّ زَوْجِها الکامل، ولن یرْضى الله عن امْرأه ینام زوْجها وهو علیها ساخِط، لن یرضى الله عن امرأه تخْرج من بیتها من دون إذْنِ زوجها، لْعَنتُها الملائِکَه حتى عادت، نِظامُ الزَّوْجِیَّه رائِع جداً، نِظامٌ مُؤسَّسه لها قائِد، وهذا القائِد له حُقوق، وعلیه واجِبات فإذا أدى ما علیه، فیحق له أن یأخذ ما له، طبْعاً قد یقول أحدکم: و هناک تقْصیر من الأزْواج ؛ اِجْعل شِعارک أدِّ الذی علیک واطْلب من الله تعالى الذی لک.

یُرْوى أنَّ بعض الخلفاء فی بنی أُمَیَّه کلما جاء العید و صلى بالناس صلاه العید انْصرف الناس إلى بُیوتِهِم، ولم یسْتَمِعوا إلى خُطْبتِه، فأراد أن یخْطب قبل أن یُصلی بالناس العید، صَعِدَ المِنْبر فأمْسَکَهُ أحد التابِعین من طَرَفِ ثَوْبِه وقال: أهذا فعلهُ رسول الله؟ طبعاً لم یلْتَفِت إلیه، وصَعِد المِنْبر و ألقى الخطبه وعکس الآیه خطب قبل أن یُصَلی لِیَضْمن بقاء الناس فی المَسْجد ! ماذا قال أحدهم عن سعید ابن المُسَیِّب؟ قال: أما هذا فقد أدّى الذی علیه أیْ الشخص الذی نَصَحَهُ، وأنا أقول: أیها الزَّوْج أدِّ الذی علیک، واطْلب من الله الذی لک، ویا أیَّتُها الزَّوْجه أدِّ الذی علیک واطْلبی من الله تعالى الذی لکِ، أما أن یُهْمِلَ الإنسان واجِبَهُ الأوَّل، وظیفته الأولى، مهمته الأولى، ویلْتفِت إلى شیء یعد نافله، فالله لا یقبل النوافل ما لم تُؤد الفرائِض، أجل: إن الله جل جلاله لا یقبل النوافل إلا إذا أدیت الفرائض.

أُعیدُ مرَّهَ و ثانِیَه و ثالثه، لا یُعْبد إلا الله، وإنَّ الله لا یُعْبد إلا وَفْق ما شَرَّع، لا تخْتَرِع دیناً جدیداً، لا تجْتهد فیما لم یأت به النبی، لا تقل أنا علی أن أنْصرف إلى الله فقط ولا أعْبأُ بِأحدٍ، ما قال أحد هذا الکلام، هذا الکلام فیه بِدْعه، فالخِطابُ مُوَجَّه للأخوات المؤمنات الزَّوْجات الطاهرات العفیفات، لکن إذا قَصَّرْن فی حقِّ أزْواجِهِنّ فالله عز وجل ربما لن یقْبل عملهنّ ! لأنها قصَّرتْ فیما أقامها الله تعالى، أقامها الله زوجه، إذا قصَّرَ الزَّوْج فیما أقامه الله به یُحاسِبُه الله، إذا قصَّر الابن فیما أقامه الله تعالى به یُحاسِبُه الله طبعاً بالمُقابل قال تعالى:

﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَیْهِنَّ دَرَجَهٌ﴾

[سوره البقره:الآیه ۲۲۸]

و لهن مثل الذی علیهن بالمعروف هذا هو الدین، أتمنى أنَّ کُلَّ أخٍ ینْصح زَوْجَته إذا کان هناک تقْصیر وإهْمال وعدم عِنایه لأنَّ الرّجل غیر المرأه، هذا موضوع یقودنا إلى بحث بعلم النفس، فعلاقه الرَّجل بالمرأه من زاویه، وعلاقتها به من زاویه أُخْرى، فالزوایا مُخْتَلِفه فهِی تریدُهُ حامِیاً لها، تریده حِصْناً لها، تریده قائِداً لها، ترید أن تحْتَمی به، وهو یُریدها کما فطرَهُ الله عز وجل أن تکون مقبوله مُتألِّقَه، یریدها بِشَکْل ینْجذب به إلیها، همه منها شیء و هَمُّها منه شیء آخر، وهذا الشیء أقَرَّهُ علماء النَّفْس، المرأه علاقتها بالرجل من نوعٍ یخْتلف عن علاقته بِها، فهذه التی تُهْملُ زَوْجها إهمالاً شدیداً، ولا ترْعى حَقَّهُ، ولا تعْبأ بهذه القضِیَّه إطْلاقاً، فهی مخطئه، فإذا قال کلمه: مِن حَقِّی أن أتَزَوَّج، فأنا لا زِلْتُ شاباً وأنت لا تُحْصنیننی ؛ بإهمالک الشدید لا تحصنیننی، أقامَت النَّکیر، وقامت القیامه ولم تقعد، و لن تبقى فی هذا البیت، أنتِ مهمله أد الذی علیک و أنت السیِّده الأولى، أدِّ الذی علیک و أنت لکِ صدر البیت. فالقاعده التی تطبقها: لا أُعْطیکَ حَقَّک ولا أسمح لک أن تُمارِسُ حَقَّک، و هی بهذا تکون حملته على المعصیه، إخواننا الکرام هناک آیه ذکرتها لکم عِدَّه مرات لکن مُحَیِّرَه قال تعالى:

﴿ وَلَا تُکْرِهُوا فَتَیَاتِکُمْ عَلَى الْبِغَاءِ﴾

[سوره النور: الآیه ۳۳]

أنا أسْألکم بِرَبِّکم هل فی العالم الإسلامی کله مؤمن مهما بدا لک إیمانه ضعیفاً یُجْبِرُ ابنته على الزنا ! مُسْتحیل، فالله تعالى یُخاطبُ من ؟ قال:

﴿وَلَا تُکْرِهُوا فَتَیَاتِکُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا﴾

[سوره النور: الآیه ۳۳]

العلماء قالوا: هذا الذی یقِفُ حائِلاً بین ابنته وبین زواجها بِشَکْلٍ أو بآخر، یرید أو لا یرید، یشْعر أو لا یشْعر، یُقَوِّی فیها رَغْبه المعْصِیَه ! أوضح من ذلک: أنا أضعُ إنساناً على صندوق فی مَحَلّ تِجاری والغَلَّه کبیره جداً ؛ بِعَشَرات الألوف کُلَّ یوم و أُعْطیه مثلاً ألْفَی لیره فی الشَّهْر ! فهذا المبلغ لا یکفیه لأیام عِدَّه، والصندوق بِیَدِه، والأموال فی متناول یَدِه، والمعلِّم غائب عن عمله، أنت حینما تعطیه مبْلغاً قلیلاً جداً جداً جداً والمال بین یدَیْه کأنَّک تدْفعُهُ لأخْذ المال الحرام؛ دون أن تشْعر، وأنا حینما أقف حائِلاً بین ابنتی وبین زواجها، فمن دون أن أشْعر، و من دون أن أُرید أُقَوِّی فیها عُنْصر الشَّهْوه، فإذا زَلَّتْ قَدَمها فالأب هو المسؤول، سمِعْتُ کلمه بالهاتف من فتاه فقالت: جاءَنی ثلاثون خاطِباً ولم یُوافق أبی ولا على واحد من دون سببٍ وجیه أبداً، هذا یسمى فی الفقه “عضل” بالمناسبه الأب الذی یمْتنع من تَزْویج ابنته بلا سببٍ معْقول یُصْبِحُ القاضی وَلِیَّ الفتاه ویُزَوِّجُها، شَرْعٌ حکیم، أیُّ أبٍ یمتنع، فالقاضی یسْتدْعیه ویسْأله لماذا تمتنع عن تزویج ابنتک ؟ فإذا أقْنعه الأب انْضَمَّ القاضی إلى الأب فقد یکون لِسَببِ المرض مثلاً فیحول یحول بینها وبین الزواج، و هی لا تعلم، أما إن لم یُقَدِّم السَّبب الکافی فالقاضی یُزَوِّجُها مباشَرَهً وهو وَلِیُّها، و هاأنذا أصِلُ إلى مَوْطن الشاهد ؛ المرأه التی تُهْمِلُ نفْسَها، لا تُلَبِّی رَغْبه زوْجها، الثیاب التی لا تلیق بها کزوجه ترْتدیها أمامه، أما إذا هناک حفْله، أو زیاره، أو فی عندها سهره، فتَرْتَدی أجْمل الثِّیاب، وتعْتنی بِهِنْدامها أجمل العنایه، هذه امْرأه لا تعرف الله أبداً، لأنَّها تُهْمِلُ حق الإنسان الذی من حَقِّهِ أن تکون له، وتعتنی بِأُناسٍ کثیرین لیْسَ مِن حَقِّهم أن تکون لهم أبداً، فالقضیه دقیقه، الآن وصلت إلى الذی أریده فأَیّهُ امرأه تهمل واجبها تجاه زوجها تُقَوِّی فیه رغْبته فی النَّظر إلى غیرها فإذا زلَّتْ قدمهُ ونظر إلى غیرها وتمنى غیرها وفترتْ علاقته بالله، هِیَ المسؤوله الأولى أمام الله، هی سبب انْصِرافه عنها، هی سبب تطلّعه إلى غیرها، هی سبب زَیْغِهِ و انصرافه عن الله عز وجل، لأنَّ هذه حاجه أساسیه عند الرجل، و أقول: أساسیه جداً، وهی تُهْمِلُ هذه الحاجه الفطریه، فإذا کان منضبطاً انضباطاً شدیداً یمکن أن یصبر و إذا لم یکن هناک انضباط ینزلق، و إذا انزلق فانزلاقه فی صحیفه زوْجته التی أهْملَتْ واجِبَهُا تجاهه.

أیها الإخوه:

هذا موضوع حساس، لکنَّ الله عز وجل قال: عِظوهن، هناک زَوْج کأنَّهُ یخْجل أن یُطالب بِحَقِّه، یجب أن تکون واضِحاً، قل: أنا مُسْتقیم، أنا لا أعْصی الله عز وجل، وأنا لا أزال شاباً، فإذا تابَعَتْ إهْمالها فلا بدّ من تأدیب، لابد من وعْظ، لابد من هجران، لابد من إعْراض، لابد من سُلوک یُذَکِّرُها بِواجِبها، المرأه أحیاناً تنْصرف إلى ما هی فیه بِشَکْل غیر معْقول وغیر مقْبول لا عند الله ولا عند الناس، فأردْتُ من هذه الکلمه القصیره فی بدایه هذا الدرْس أن یهْتَمَّ الأخوات المؤمنات الصالحات الداعِیات المنیبات إلى الله إلى أنَّهُنّ إذا أهْمَلْنَ حقَّ أزْواجِهِنّ فقد حِدْنَ عن منْهج الله الصحیح.

((سئل النبی علیه الصلاه والسلام من أعظم الناس حقاً على المرأه ـ على الإطلاق ـ؟ قال: زوْجها، فلما سُئل: من أعظم النِّساء حقاً على الرَّجل ؟ قال: أمُّه ))

أی أن أول امرأه فی حیاه الرجل أمه، و أول رجل فی حیاه المرأه زوجها، أنا والله الذی لا إله إلا هو أتمنى مِن کُلِّ أعْماقی أن تکون بُیوت المُسْلمین جنات بالوِفاق بین الزَّوْجَیْن، بالحبِّ بین الزوجین، بالودّ بین الزوجین، لأنَّ الله عز وجل یقول:

﴿وَمِنْ آَیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْکُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّهً وَرَحْمَهً﴾

[سوره الروم: الآیه ۲۱]

و بعضهم عَلَّق تعْلیقاً لطیفاً على قوله ” خلق لکم من أنْفسکم ” أی: وکأنَّ المرأه أحد أعْضاء الرجل، جُزْء منه، الإنسان کیف یعْتنی بِعَیْنَیْه ؟ کیف یعتنی بأعضائه النبیله ؟ ینبغی أن یعْتنی بِزَوْجَتِه لأنَّها جُزْءٌ منه:

﴿وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنفُسِکُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْکُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّهً وَرَحْمَهً(۲)﴾

الموَدَّه سُلوک یُعَبِّرُ عن شُعور، هناک بالقلب حبٌّ یظْهر بابْتِسامه، یظهر بهَدِیَّه، یظهر بمُداعَبَه أحیاناً، هذه الموده، أما الرَّحْمه فأحْیاناً تخبو لفتور العلاقه بین الزَّوْجیْن و عندئذ لابد من إحیائها. أنا دائِماً وأبداً أیها الإخوه أُلِحُّ على هذه الفِکْره: عظمه هذا الدِّین أنَّ الله تعالى بَیْنَ کُلِّ مسلمین ؛ بین الزَّوْجَیْن، بین الجاریْن، بین الشَّریکین، بین الأخوین، لِنأخذ الزَّوْجین، الله بین الزوجین أی عَلاقه کُلٍّ منهما بالآخر من خِلال الله عز وجل، أی أن: الزوج یخاف الله تعالى أن یظْلِم زوجته، یخاف الله أن یُؤْذیها، یخاف الله أن یُهینَها، ویَرْجو رَحْمه الله بِصَبْرِهِ علیها، و یرجو رحمه الله بالغضِّ عن سَلْبیَّاتِها، و الزَّوْجه تخاف الله أن تُهْمِلَ حقَّهُ، تخاف الله أن تظْلِمَهُ، تخاف الله أن تُقَصِّرَ فیما علیها تِّجاههُ، وترْجو رحْمه الله تعالى بإکْرامه، وخِدْمَتِه، والغضّ عن سِلْبِیَّاته، مادام الله بین الزَّوْجَیْن فهذه المؤَسَّسَه سَتَسْتَمِرّ فإن لم تکن مَصْلحهٌ بینهما کانت الرَّحْمه بینهما، فی کثیر من البیوت تجدُ الزوج مُقعداً ولا یُنْتِج المال، لکنه یلْقى أعْلى رِعایَه مِن زَوْجَتِه، وفی کثیر من البیوت الزَّوْجه مریضه ولیْسَت زَوْجه بالمعنى المفهوم، لکن زوجها بما فی قلبه من رحمه یرعاها أشد الرعایه، فأنا أتمنى على کُلَّ زَوْج طبعاً الکلام للأزواج بالدرجه الأولى، وإلى الشباب إذا تَزَوَّجوا أن الموده و التراحم بین الزوجین سِیاسَه شرْعِیَّه.

الحیاه الزوجیه فن، أی: ممکن لِلإنسان أن ینمی العلاقه، یجعلها علاقه حمیمه، یجعلها علاقه إیجابیه، أکثر شیء تُعانی منه الأُسَر الأجْنَبِیَّه ؛ هکذا قرأتُ تعانی من فُتور العلاقه بین الزَّوْجَین، هذا الفتور یُلْغی أجْمل ما فی الزواج، هی مُهْمِله وهو مُهْمِل، هی مُنصَرِفَه عنه وهو منصرف عنها، فالبیت قِطْعه من الجحیم، أما إذا کان هناک تطْبیق للسنَّه فالسعاده محققه، فالنبی علیه الصلاه والسلام لم یکن یطْرق باب أهْله بعد سَفَرٍ مثلاً إلا إذا أعْلَمَهُم قبل وصوله. لماذا ؟ کی تسْتَعِدَّ المرأه لاسْتِقْبال زَوْجِها، فالمرأه المؤمنه تسْتَعِدّ لاسْتِقبال زَوْجِها کُلّ یوم بِحُسْن هِنْدامِها، و حسن زینتِها، وابْتِسامَتِها، وتأمین حاجاتِه، و تأمین طعامٍه، و تأمین شرابه، قالت: یا بُنَیَّتی لو أنَّ المرأه اسْتغْنَت عن الزَّوْج لِغِنى أبَوَیْها، أو لشِدَّه حاجَتِهما إلیها لَکُنت أغنى الناس عن الزوج، ولکِنَّ النِّساء خُلِقْن للرجال، ولهُنَّ خُلِق الرِّجال ! أیْ بُنَیَّتی إنَّک فارَقْتِ العُشَّ الذی فیه دَرَجْتِ، وغادَرْتِ البیْت الذی فیه نشأتِ إلى وَکْرٍ لا تعْرفیه، وأنیسٍ لم تألفیه، فأصْبَحَ بِملْکه علیک رقیباً وملیکاً، یا بُنَیَّتی کُونی له أمَهً یکُنْ لکِ عَبْداً وَ شریکاً، یا بُنَیَّتی خُذی عنِّی عَشْر خِصال تَکُن ذُخْراً لک وأجْراً: الصُّحْبهُ بالقناعه، أعْظمُ النِّساء برکه أقَلَهنّ مهْراً، أعظم النساء برکه أقلهن مؤونه، الصحبه بالقناعه، والمُعاشَرَه بِحُسْن السَّمْع والطاعه، طاعه المرأه زوْجها تعْدل رُبْع دینها: إذا صَلَّت المرأه خمْسها، وصامتْ شهْرها، وحَفِظَت نفْسَها، وأطاعَتْ زَوْجها، دخَلَتْ جنَّه ربِّها:

(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَهُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الْجَنَّهَ مِنْ أَیِّ أَبْوَابِ الْجَنَّهِ شِئْتِ ))

[ أحمد]

قال أحدهم لامْرأته أو مَخْطوبَتِه: إنَّ فی طَبْعی سوءاً – أراد أن ینْصَحَها أو ألا یُخْفِیَ عَیْبَهُ عنها – فقالتْ له: إنَّ أسْوَأ خُلُقاً منک مَن حاجَّک لِسوء الخُلق !

الصُّحْبه بالقناعه، والمُعاشَره بِحُسْن السَّمْع والطاعه، والتّفَقّد لِمَوْضع عَیْنِه، فلا تقَعُ عَیْنُهُ مِنْک على قبیح، ولا یَشَمّ منک إلا أطْیَبَ ریح، التفقد لموضع عینیه و التعهد لموضع أنفه، لذلک:

(( فالنبی علیه الصلاه والسلام ذکر المرأه الصالحه فقال: إذا نظَرْتَ إلیها سَرَّتْک، وإذا غِبْتَ عنها حَفِظَتْک، وإذا أَمَرْتَها أطاعَتْک، سِتِّیرَهٌ وَلودٌ ودودٌ ))

وهناک شیءٌ آخر فی روایه أخرى: إذا نَظَرْتَ سَرَّتْک ( مَحْذوفٌه کلمه إلیها ) أیْ إذا نَظَرْتَ إلى بیْتکَ سَرَّتْک، إذا نَظَرْتَ إلى غُرْفه النَّوْم سَرَّتْک، إذا نظرت إلى المطْبخ سرتک، إذا نظرت إلى أوْلادک سرتک، إذا نظرت سرتک، وإن غِبْتَ عنها حَفِظَتْک، وإن أمَرْتَها أطاعَتْک، ولود ودود ستِّیره، الصُّحْبه بالقناعه والمُعاشَره بِحُسْن السَّمْع والطاعه، و التعهد لموضع عینیه فلا تقَعُ عَیْنُهُ مِنْک على قبیح، ولا یَشَمُّ منک إلا أطْیَبَ ریح، والکحْل أحسن الحسن، والماء أْطیب الطِّیب المفْقود، و لقد ثبت أنَّ لِلْجلد رائِحَه عَطِرَه، یکْفی أنْ تُنَظِّفَهُ فهناک رائِحَهٌ عطِره فواحه من الجلد، لذلک و الکحل أحسن الحسن والماء أْطیب الطِّیب المفْقود، فالذی لا طیب له یُنَظِّف نفسه، فنظافته فیها رائِحَهٌ عَطِره، بالمناسبه فلا بأس من أن ننتقل من موضوع إلى موضوع، ورد یوم الجمعه أنَّ هناک طریق الآلام وهو النِّهایات العَصَبِیَّه تَصِل إلى النخاع الشَّوْکی، والنُّخاع الشَّوْکی إلى جِسْم تحت السَّریر البصری، وهذا الجِسْم ینقلک إلى قِشْره الدِّماغ ؛ فهذا الطریق هو طریق الآلام فإذا اِحْترقَتْ ید الإنسان من النهایات العَصَبِیَّه إلى النُّخاع الشَّوْکی إلى تحت السَّریر البصری إلى قِشْره الدِّماغ، فاُکتُشف الآن أنَّ على هذا الطریق بوابات، وهذه البوابات قد تمْنع وُصول الألم إلى الدِّماغ، تغلق إذا أغلِقَتْ مَنَعَتْ وُصول الألم، من الذی یتَحَکَّمْ فی هذه البوابات ؟ قال الحاله النَّفْسِیَّه للإنسان، أیْ. إذا کنت مؤمناً قد لا تتألَّم الألم الذی یتألَّمهُ غیر المؤمن، سیّدنا جعْفر لما قطِعَتْ یدهُ الیُمْنى، حَمَلَ الرایه بِیَدِه الیُسْرى، قطعت الیمنى فأین الآلام ؟ فلما قُطِعَتْ الیُسْرى حَمَلَها بِعَضُدَیْه إلى أن استشهد، هذا الموضوع العِلْمی یُفَسِّرْ لنا آلاف الحوادث التی جَرَتْ مع الصحابه الکِرام، ومع التابِعین، ومع کِبار المؤمنین، أین الآلام؟

أیها الإخوه الکرام:

و الماء أطْیَبُ الطِّیب المفْقود، ثمَّ التَعَهُّد لِوَقْت طعامه، والهُدوء عند منامِهِ، فإنَّ حراره الجوع مَلْهَبَه، وتنْغیص النَّوم مبْغَضَه. تأمین طعامه فی الوقْت المناسب، وتأمین الراحه له إذا نام، و لا تفشی له سراً، فالمرأه المؤمنه سِتِّیره، أما غیر المؤمنه فَضَّاحه، المرأه الفاسقه فضاحه، تجد الزَّوْج کُلَّ قِصَصِه بین الناس، عَشَرات النِّساء یتکَلَّمْن عن أدَقِّ العلاقه بینَهُنّ وبین أزْواجِهِنّ، سلبیات أخْطاء وتجاوُزات تتکلم و تفضح زوجها، تجْلس فی مجلس وتفْضَح زَوْجَها وتقول: أنا زوجی بِرَمضان یقترب منِّی و هو صائم ! فضحته و جعلته فاسقاً وقد تکون کاذِبَه أصلاً و لکن هناک امرأه فضاحه و هناک امرأه ستیره، فالمؤمنه سْیتره.

لا تُفْشی له سِراً، ولا تعْصیِ له أمْراً، إنَّک إن أفْشَیْتِ سِرَّهُ لم تأمَنِی غَدْرَه، وإن عَصَیْتِ أمْرَهُ أوْغَرْتِ صدْره، واتَّقِ الفَرَح بین یدیه إن کان تَرِحاً، هذه أکبر مُشْکِلَهْ، هناک ضُغوط للحیاه قویه جداً، أحْیاناً الإنسان بعمله تواجهه صُعوبات، عَقَبات، ضُغوط قد لا یحْتَمِلُها، ویأتی إلى البیْت مُحَطَّم الأعصاب هی مُرْتاحه بینما هو مکتئب، فالفرَح الزائِد والتعْلیقات الساخره والاسْتِخْفاف والمُزاح الرَّخیص والزوْج ممتلئ ألماً وضیقاً وهماً وحَزَناً هذا قد یجْعلُهُ ینْفَجِر، و اتق الفرح بین یدیه إن کان تَرحاً، والتَّرَحَ إن کان فَرِحاً، فهو مُرْتاح النفس وحَقَّق إنْجازات و هی کئیبه، واتَّقِ التَرَح إن کان فرِحاً، فإنَّ الأولى من التَّقْصیر، والثانِیَه من التَّکْدیر.

واعْلمی أنَّک لن تصِلی إلى ما تُحِبِّین حتى تُؤْثِری رِضاهُ على رِضاک وهواهُ على هَواک فیما أحْبَبْت أو کَرِهْتِ، و آخر نصیحه وکونی أشَدَّ ما تکونین له إعْظاماً یکُنْ أشَدَّ ما یکون لک إکْراماً، فالزَّوْجه الحَمْقاء هی التی لا تحْتَرِم زوْجَها، لکن کُلّما احْتَرَمَتْهُ و وقَّرَتْهُ أحَبَّها کثیراً، وکونی أشَدَّ ما تکونین له إعْظاماً یکُنْ أشَدَّ ما یکون لک إکْراماً، هذه الوَصِیَّه مع الأسَفِ الشدید قالتْها امْرأه فی الجاهِلِیَّه، امرأه فی الجاهلیه نَصَحَتْ بها ابنتَها یوم زفافِها فإذا کانت هذه هی جاهِلِیَّتهم، فَکَمْ هی عظمه إسْلامهم ؟ النِّساء الصحابِیات کُنَّ بَطَلات تقفُ تُوَدِّعُ زَوْجها وتقول: اتَّقِ الله بنا نَحْنُ بک، إن اسْتَقَمْتَ اْستَقَمْنا، وإن اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنا، نصْبِرُ على الجوع ولا نصْبر على الحرام، الآن کم امْرأه تحْمِلُ زَوْجَها على کسْب المال الحرام، ضغط، ضغط، کُلُّ یومه شجار، یقول لک: دعینی یوماً واحداً فقط، قالت له: حسناً یوم نعم و یوم لا، فالیوم الذی لا یوجد شجار فیه تقول له: انتبه غداً الشجار، و لا یوجد أصعب من شجار النساء، کلَّ یوم، کلَّ یوم إلى أن یخرج من جلده.

أیها الإخوه و أیتها الأخوات:

المرأه التی تُطَبِّقُ السنَّه تتقرَّب إلى الله، ولها عند الله مقامٌ کبیر قال تعالى:

﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَکُنَّ أَنْ یُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَیْراً مِنْکُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَیِّبَاتٍ وَأَبْکَاراً (۵)﴾

[سوره التحریم: الآیه ۵]

فالذی أراه و الله أیها الإخوه و قد کنت فی سَفَر وألْقَیْتُ محاضره، و ذکرْت أنَّ شهاده المرأه الحقیقیَّه أوْلادها، فقد بلغنی أنَّ هناک زوجات کثیرات لبعض الأخوه الذین أقاموا فی بلاد الغرب طبیبات، وهنَّ یطلبْنَ مِن أزْواجِهِنَّ أن یسْمحوا لهنّ بِمُتابَعَه الدِّراسه لِنَیْل أعلى شَهاده فی الطِّب، فکان رأیی أنَّ أیَّ امْرأه أحْسَنَتْ ترْبِیَه أوْلادها، فأوْلادها أعلى شَهاده تحْمِلُها، هناک البورد بأمریکا وFRS بإنکلترا و ATRG بفرنسا، أعلى شَهاده تحْمِلُها امرأه أوْلادها الذین تعتنی بهم، فابنها قد تربّى تربیه عالیه، حاجاته مُؤَمَّنه وثیابه وطعامه و شرابه ودِراسته، فهذه الأم التی تعتنی بأولادها هذه العنایه هی أرْقى أمّ عند الله عز وجل، لأنَّها عَبَدتْ ربَّها فیما أقامَها فیه، أقامها أماً، وأیُّما امرأه رَعتْ حقَّ زوْجها رِعایه کامله هی فی أعلى منزله عند الله لأنها عبدت ربها فیما أقامها فیه، ذکرت فی أول الدرس أن الله: أقامک امرأه، أقامَکِ أمّاً أقامک رجلاً، أقامک غنیاً، أقامک عالماً، أقامک قَوِیاً، یجب أن تعبد الله فیما أقامک فیه، و یجب أن تعبد الله فی الظَّرْف الذی وَضَعک فیه فإذا کان والِدُکَ مریضاً فأوَّل عباده هی العِنایه بِوالِدِک، ابنک عنده امْتِحان فأوَّل عباده العِنایه بابنک، جاءک ضیْف فأوَّل عباده إکْرام الضیف، مرَّهً ثانیه: أن تعبده فیما أقامک فیه، وفی الظَّرْف الذی وَضَعک فیه، فیما أقامک و فیما وضعک، هذا هو الفقْه فی الدِّین، البارحه زارنی أخ وهذه آخر شَکْوى وذکر لی أنَّ زوْجته، صالحه وتحْفظ کتاب الله، و تدعو إلى الله، أثْنى علیها ثناءً کبیراً، إلا أنَّها تُهْمِلُهُ أشَدَّ الإهْمال إلى درجه أنَّهُ کاد أن ینْصرف عنها، فقال لی: إلى من أذهب ؟ أنا لی جاهِلِیَّه، وکانت لی علاقه مع مئه امْرأه، فیومَ کانت لیَ هذه العلاقات کانت تحْرص عَلَیَّ حِرْصاً لا حدود له، وتعْتنی بِنَفْسِها عِنایه تفوق حدَّ الخیال، وتُلاحِقُنی فی أیِّ مکان، فلما تُبْتُ إلى الله واستقمت على أمره و اطْمأنَّتْ أهْمَلَتْ ! أهذه هی الأخْلاق العالیه ؟! یوم کانت تخاف أن یغْدِرَ بها اعْتَنَتْ به، فلما اطْمأنَّت إلى اسْتقامته وتوبته وأنَّهُ لن یفعل معْصِیَه انصرفت عنه و أهْمَلَتْ، فهذا لیس من المنطق السلیم و لا من الخلق القویم ولا من العباده الحقه فی شیء، و قد تلقیت قبله ثلاث شکاوى مکتوبات على ورق، و اثنتان شفهیات، و البارحه آخر شکوى، فقلت: و الله هذا موضوع مهم، و فی الأصل عندنا موضوع متسلسل فقلت نعود إلیه بالدرس القادم إن شاء الله، لکنی أردت أن أقطع التسلسل و نعالج هذا الموضوع الخطیر، وَکُلُّ إنسان یُنَبِّه زوْجته. یقول سیِّدنا علیّ کرَّمَ الله وجْهه: لا أصْرِمُ أخاً قبل أن أُعاتِبَهُ، فالزَّوْجه من باب أوْلى، قبلَ أن تقْطَعَها، قبل أن تنْصَرِفَ عنها، قبل أن تهملها، قبل أن تُفَکِّرَ فی غیرها، عاتبها، بیِّن لها، انْصَحْها، بین لها کتاب الله، سَمِعْت عن زَوْجَیْن یوم العُرْس، طبعاً الزوج یوم العرس، أو یوم الکتاب، أو یوم اللقاء الأول، یُمَنِّیها بأشْیاء کثیره: بالبیت و الحلی والأثاث، ویجْعلها تعیش بأحلام کلها خیالیه، إلا أنَّ هذا الزَّوْج من نمَطٍ آخر فقال: أنا من بیْتٍ وأنت من بیْت، أنا من بیئه وأنت من بیئه، فلا بدّ من أن نخْتَلِف فإذا اخْتَلَفْنا فَمَنْ هو الحَکَم بیننا ؟ اختاری حکماً، فقالتْ له: فلان، أی مثلاً ابنُ عَمِّه، فقال لها: هذا أُحِبُّه کثیراً، ویُحِبُّنی کثیراً فإذا احْتَکَمْنا إلیه وقف إلى جانبی، فلا مصْلَحَه لک، اخْتَاری إنساناً آخر، وکلَّما تخْتار یقول: هذا صدیقی، هذا أعرفه، ثم قال لها فی النِّهایه: أَتُحِبِّین أن یکون الله حکماً بیْننا ؟! جاء بِکِتاب الله وقال: هذا الکتاب بیننا فإذا اخْتَلَفْنا نعود إلیه، هو حکم لصالح الزوج و لصالح الزوجه، قال تعالى:

﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِی عَلَیْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَیْهِنَّ دَرَجَهٌ﴾

[سوره البقره: الآیه ۲۲۸]

و للرجال علیهن درجه واحده، أی لیس أحدهما مجنداً و الآخر لواء، بل هم عمید ولِواء، درجه واحده وهی درجه القیاده، مُؤَسَّسه بلا قائِد فَهِیَ فاشِلَه، أیُّه مؤسّسه لا بد لها من قائِد: و للرِّجال علیهن درجه، و قال الله سبحانه آمراً الرجال:

﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾

[ سوره النساء: الآیه ۱۹]

قال العلماء: لیْسَت المعاشَره بالمعْروف أن تمْتنِع عن إیقاع الأذى بها، بل أن تحْتَمِل الأذى منها شیء جمیل.

﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾

[ سوره النساء: الآیه ۳۴]

فالرجل له القوامه، الإنفاق أساسی، والله عز وجل أمَرَنا بالنَّصیحه والموعظه والإعْراض والهجران.

أیها الإخوه:

المؤمن مُوَفَّق، إذا وُفِّق إلى علاقهٍ طیِّبَه بزوْجته، وکان الزواج مُتنامِیاً و دائماً فیه دفء وحراره، دائماً فی کل منهما لَهْفه، وبین الزوجین وُدّ، سعداء أیما سعاده، هکذا کان النبی علیه الصلاه والسلام مع أزْواجه الطاهِرات، تسأله عائشه مره: کیف حُبُّک لی ؟ یقول لها: کَعُقْده الحبل، تقول له مِن حینٍ لآخر: کیف العُقْده ؟ یقول: على حالها، فقد کان علیه الصلاه والسلام زوجاً مِن أنْجَحِ الأزْواج، ناجحاً جداً، ما شَغَلَتْهُ الدَّعْوه العظیمه، ومقام النبُوَّه والرساله عن أن یکون زوجاً صالحاً، کان فی بیته واحداً من أهل البیت، و کان إذا دخل بیْته بساماً ضحاکاً، کان یقول: أکْرِموا النِّساء فوالله ما أکْرَمَهنّ إلا کریم، ولا أهانَهُنّ إلا لئیم، یغْلِبْنَ کُلَّ کریم، ویغْلِبهنّ لئیم، وأنا أُحِبُّ أن أکون کریماً مغْلوباً مِن أن أکون لئیماً غالباً.

ویقول:

(( عَنْ عُقْبَهَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَسَلَّمَ: لا تَکْرَهُوا الْبَنَاتِ فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِیَاتُ ))

[ أحمد]

((عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَهَ رَضِی اللَّه عَنْهمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَیْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَاطِمَهُ بِضْعَهٌ مِنِّی فَمَنْ أَغْضَبَهَا أَغْضَبَنِی ))

[ رواه البخاری ]

أیها الإخوه:

أتمَنى بعد أنْ تنْصَرِفوا إلى بیوتِکم، وأن تُحَسِّنوا علاقاتِکم بِزَوْجاتِکم، وأن تأمروا زوْجاتکم أن یکنّ زوْجات صالحات مؤمنات، إنّکم لن تسَعوا الناس بِأموالکم، فَسَعوهم بِأخْلاقکم، یمکن أن یکون کل إنسان زوجاً صالحاً، فإذا دخل البیت سَلَّم، وإذا جلس للطعام سَمَّى، إذا تحلى بالصبْر و الحلم و عالج الأمر بحکمه و تؤده ورویه فلعلَّ الله عز وجل أن یجْعل هذا التَحَلُّم حِلْماً، وهذا التکرُّم کرماً، وهذا التَخَلُّق بأِخُلاق النبی خُلُقاً أصیلاً، ویمکن لکُلِّ إنسان إذا کان مرتاحاً ببیته أن یُضاعف إنتاجه خارج البیْت، فالرجل یتعَب ویشْقى، ومتاعب الحیاه لا تعد ولا تحصى فهو یحب أن یأتی إلى بیْته مساءً ویجد امْرأه تُحِبُّه، ویستأنِس بها، وترْعى حقه تعتنی به وتخفف عنه عناء العمل.

أرْجو الله سبحانه وتعالى أن ینْقلب هذا الدرْس إلى واقِع، أن ینقلب هذا الدرس إلى بُیوت سعیده لأنَّ المسلمین إذا سَعِدوا فی بُیوتِهم أعْطَوا عطاءً کبیراً، والإنسان إذا شَقِی فی بیته شَقِیَ فی عمله، وضَعف إنتاجه، وقل دخله وتراجع مستوى معاشه وأسرته یقولون: کُلّ رجل عظیم وراءه امرأه، وأنا أقول لکم: أیّ إنسان حَقّق نجاحاً فی الحیاه فالمرأه التی أعانتْهُ على هذا النجاح لها شطْر أجْره، أحْیاناً المؤلِّف یقول: لولا زوْجَتی التی وفرت لی جَواً للتألیف، وأعانتْنی، وأحاطتنی برعایه وعطف ووفرت لی جواً للتألیف مریحاً وأراحتنی من أعباء کثیره لما ألفت هذا الکتاب. أهدی هذا الکتاب لزوجتی، والزَّوْجه لها عند الله أجْر کبیر.

ودائِماً وأبداً یجب أن نذکر أنّ المرأه کالرجل تماماً فی التکْلیف والتشریف والمسؤولیَّه، وقد تسْبقهُ، وقد تکون قلامه ظفْر امْرأه أفضل عند الله من آلاف الرِّجال، قال تعالى:

﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَکَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْیِیَنَّهُ حَیَاهً طَیِّبَهً وَلَنَجْزِیَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا کَانُوا یَعْمَلُونَ (۹۷)﴾

[ سوره النحل ]

وقال تعالى:

﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّی لَا أُضِیعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْکُمْ مِنْ ذَکَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُکُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾

[ سوره آل عمران: الآیه ۱۹۵ ]

صحابیات.

والله أیها الإخوه لو قرأتم تاریخ الصحابیَّه الجلیله السیده خدیجه لشعرتم أن السیِّده خدیجه ساهمت مساهمه کبیره جداً فی دفع هذه الدعوه وقد عانت، وتَحَمَّلَتْ، وأعانتْ، وصبرَت، لذلک النبی علیه الصلاه والسلام لما فتَحَ مکَّه أین کان ینام ؟ هذه بلده فتحها بعد ثمانیه أعوام من هجرته قال: انْصُبوا لی خَیْمَهً عند قبر خدیجه ونصب رایه عند قبْرِها إشْعاراً للمسلمین أنَّه لولا هذه المرأه التی أعانتْنی والتی صبرت معی والتی حملت معی هَمّ الإسلام والتی کانت خیر مُعوان لما حَقَّقْتُ هذا النصْر، هذا إعلان فضل، یعنی بفضل صبرکِ.

فأنت إذاً لا تقل: هذه امْرأه ! سألوا أوَّل امرأه اشْتغلَتْ بالمُحاماه ما الظرف الجدید الذی واجهته ؟ أنا لا أقر العمل !! ولکن أذکرها کقصه وعبره. قالت: أثناء المرافعه صار هناک صخب، فقال القاضی: ما الذی یحْدث، فقال أحدهم: یا سیّدی، إنَّ فلاناً یشْتمنی ! فقال له القاضی: ماذا قال لک ؟ فقال: قال لی أنت مُوَکِّل امْرأه ! أی هناک شخص جاهلی فی النظره والتفکیر، نعم هذه امرأه، المرأه عند الله لها شأن کبیر إذا عرفَتْهُ، واسْتقامَتْ على أمْره، وحَفِظَتْ نفْسَها ولم تکن فِتْنَهً للآخرین.

اللهم علمنا ما ینفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً.

المصدر: http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=3963&id=150&sid=739&ssid=765&sssid=766

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

پاسخ دادن معادله امنیتی الزامی است . *

دکمه بازگشت به بالا