رمضان فی الصیف.. العصیر یکسب
رمضان فی الصیف.. العصیر یکسب
تحقیق: یارا نجاتی
– الکمیات تتضاعف فی المحال بسبب الحر والصیام.
– الإقبال على العصائر یبدأ من العصر ویستمر حتى الفجر.
مع حراره الصیف وعطش الصیام تزاد حاجه الإنسان إلى السوائل والمرطبات؛ لتخفیف وطأه الحر والصیام، لذا تنتعش تجاره العصائر فی شهر رمضان المبارک بصوره کبیره جدًّا عن غیره من الشهور، فضلاً عن ارتباط هذه الصناعه العتیقه مع الشهر الکریم بموروثات ثقافیه وتاریخیه، تتعلق بأنواع العصائر التی یفضلها الشعب المصری، مثل "العرقسوس، والتمر الهندی، والسوبیا، وغیرها، وهی ما جسدها الرسامون والمصورون فی لوحات شهیره لبائع العرقسوس، ذلک الرجل منحنی الظهر الذی یحمل الإبریق على ظهره.
وتستعد محال العصائر والباعه الجائلون لاستقبال موسم رمضان قبله بمده، وتخزین مستلزمات تصنیع العصائر، وتظل أبواب المحال مفتوحه طوال شهر رمضان لیلاً ونهارًا، سواء للبیع أو لإعداد العصائر وتعبئتها وعرضها.
(إخوان أون لاین) قام بجوله بین محال العصائر والباعه الجائلین؛ لرصد استعداداتهم للشهر الکریم فی التحقیق التالی:
بدأت جولتنا فی أحد محال العصیر بشارع رمسیس؛ حیث یقول رشدی راضی، مسئول المحل: إن أکثر المشروبات التی علیها إقبال کبیر من الزبائن خلال شهر رمضان هی: العرقسوس، والتمر الهندی، والخروب، والسوبیا، إلى جانب مشروب التمر باللبن، مؤکدًا أن أکثرها مبیعًا هو التمر الهندی منفردًا.
ویوضح أنهم یبدءون التحضیر لمشروبات شهر رمضان من منتصف شعبان؛ حیث یقومون بشراء کل ما یلزمهم طوال شهر رمضان من مستلزمات للعصائر، من محال "العطاره"، ومستلزمات التعبئه کالأکواب البلاستیکیه والأکیاس وغیرها، مبینًا أن الإقبال على المشروبات ارتفع کثیرًا فی رمضان الماضی بسبب "الحر"، وسیضاعف الکمیه فی رمضان هذا العام؛ لأن الشهر بالکامل سیأتی فی "عز الحر"، مما یزید نسبه الطلب.
ویتابع: فإذا کنا نصنع برمیلاً واحدًا فی، الیوم، من کلِّ مشروب سنصنع برمیلین فی هذا الشهر، موضحًا أنهم یصنعون العصائر والمشروبات الرمضانیه یومًا بیوم، إلا العرقسوس؛ لأنه یحتاج إلى "النقع" قبلها بیوم، فنبدأ فیه لیله ۲۹ شعبان، أما التمر الهندی فیتم غلیه وتحضیره فی کلِّ صباح.
وحول طبیعه العمل ومواعیده فی رمضان، فیؤکد أنهم لا یغلقون المحل مطلقًا طوال الشهر، ویقسمون أنفسهم على ۳ وردیات فی العمل؛ حیث یبدأ الإقبال وشراء المشروبات الساعه ۱۲ ظهرًا وقت خروج الموظفین؛ حتى قبیل موعد الإفطار بدقائق، وتعود الزبائن مره أخرى بعد الإفطار طول اللیل وحتى قبل صلاه الفجر.
ویشیر إلى أنهم لا یغلقون فی الساعه الرابعه فجرًا؛ بل یشرعون فی تجهیز مشروبات الیوم التالی، قائلاً: إن أغلب المشترین یأخذون ما یکفی عائله کامله ولیس فردًا واحدًا.
لا للفواکه
ویتفق معه هشام محمد، مدیر أحد فروع محال بیع العصائر بالسیده زینب، فی أن المشروبات السالفه الذکر هی صاحبه النصیب الأکبر خلال شهر رمضان، بینما ینحسر الطلب على مشروبات الفواکه، وخاصه القصب، موضحًا أنهم یلجئون إلى صناعه عصیر "القصب" بالطلب حتى لا یفسد، على عکس الأیام العادیه، حیث یصنعونه فیها باستمرار.
ویوضح أن صناعه المشروبات الرمضانیه، وخاصه "السوبیا" تحتاج إلى متخصص فیها؛ حیث یقوم صاحب المحل على صناعتها بنفسه، کما تعلَّم من آبائه وأجداده من أکثر من ۳۰ سنهً.
ویقول إنهم لم یقرروا إحضار الکمیات المعتاده کلها فی کل عام فی شهر رمضان؛ خوفًا من ضعف الإقبال على المشروبات؛ بسبب خوف الناس من إنفاق أموالهم على أغراض غیر ضروریه مع ارتفاع الأسعار المستمر.
حسب الطلب
ویؤکد محمد حسن، صاحب محل للمثلجات، أن "الدوم" و"الخروب" هما من المشروبات صاحبه النسبه الأعلى فی الشراء خلال رمضان؛ حیث یُقبل علیها الصائمون، وهو ما اعتاد علیه الشعب المصری خلال القرنین الماضیین.
وعن التحضیرات التی یقوم بها قبل رمضان یقول: نعمل على جلب المستلزمات التی تکفی الزبائن لعده أیام، بجانب الأکیاس البلاستیکیه التی یفضل الکثیرون الحصول على المشروبات فیها فی شهر رمضان، لیقوموا هم بإفراغها فی المنزل وقت الإفطار؛ حیث تبدأ عملیات البیع والشراء بعد العصر من نهار رمضان.
ویعدد الأشکال التی یتم تقدیم المشروبات فیها للزبائن فی رمضان، کالأکیاس البلاستیکیه التی تنال النصیب الأکبر، ویلیها "الجراکن أو الزجاجات"، والأکواب البلاستیکیه، مضیفًا أنهم یقومون بصناعه العصائر قبل "العصر" بساعتین على الأقل، حتى تظل طازجه.
الجوده أهم
وفی أحد أقدم محال شارع طلعت حرب المتخصصه فی صناعه العصائر من عام ۱۹۵۵م، أکد لنا المهندس أحمد عبد الحفیظ، صاحب المحل،، أنه یعمل فی هذا المجال منذ کان صغیرًا مع والده، وقبله کان جده صاحب المحل، ویؤکد أنه اعتاد على تقدیم أصناف متمیزه عن العصائر الموجوده فی معظم المحال؛ لذلک یرتفع سعر المشروبات لدیه جنیهًا أو ۵۰ قرشًا عن المحال الأخرى.
ویؤکد أن صناعته وتحضیره للعصائر والمشروبات الرمضانیه خاصه لا تختلف کثیرًا عما یتم طول السنه؛ حیث یسعى إلى عمل المشروبات مباشره قبل تقدیمها إلى الزبائن، بمختلف أنواعها سواء کان العرقسوس أو السوبیا أو التمر الهندی، حتى تظل متمیزه ومختلفه، وذات جوده عالیه، متوقعًا أن تؤثر الحاله الاقتصادیه فی إقبال المواطنین هذا العام على شراء المشروبات.
قبل الإفطار
وعلى إحدى عربات العصیر یقف أحمد عبد الله فی میدان التحریر، لیبیع بعض المشروبات المثلجه، فیؤکد أن المواطنین یقبلون على شراء خمسه مشروبات فی شهر رمضان، هی بالترتیب (العرقسوس، السوبیا، التمر الهندی، الیوسفی، الدوم).
ویقول: فی شهر رمضان أخرج بعد صلاه العصر، فالزبائن لا تشتری العصیر إلا متأخرًا، فالیوم یختصر فی آخر ۳ ساعات قبل مدفع الإفطار، أما البیع بعد الإفطار فیعتمد على المکان الذی أقف فیه، فبعض المناطق تکون حرکه المواطنین فیها ضعیفه، وأخرى تکون مزدحمه کمنطقه وسط البلد، أو فی بعض مواقف الأتوبیس أو "المیکروباص".
ویضیف أن المواطنین یأخذون أکیاس "العصیر"؛ لسهوله حملها إلى المنزل، ویشتری مکونات العصائر من شارع (باب البحر) المتخصص فی بیع "العطاره"، مبینًا أن الأسعار ترتفع کل عام قبل شهر رمضان، وحتى الآن وصل سعر الشوال من العرقسوس إلى الضعف (۱۱۰۰ جنیه) بدلاً من (۵۸۰ جنیهًا)، ما أضطره إلى رفع سعر الکوب.
ویوضح أن المشروبات جمیعها تکون مجففه حتى (الیوسفی)، ویتم غلیها جیدًا فی الماء، ثم تبریدها بقطع من الثلج؛ بینما یزید وقت تحضیر "السوبیا" لیصل إلى أکثر من ۳ ساعات، ویضاف إلیه "لبن بودره، ولبن السوبیا، والفانیلیا وجوز الهند" ثم خلطها فی البرمیل مع وضع المیاه بمقدار معین بالتدریج أثناء عمل الخلاط.